أمّا بعد..
فكلُنا مذنبونَ بحقِ بلادِنا، كُلُنا مُقَصِرون، كُلُنا نميل للجانب الذي يخدم مصالحنا الفردية دون أن نُضحي بها لمصلحة البلاد، علينا أن نُدرِك التفكير كجماعةٍ إسمها (العراقيون)، كشعبِ أمّةٍ يثق الفردُ منها بالآخر ويحتمي به..
إختلفنا في الاتفاقِ على أعدائِنا وأصدقائنا، حُلفائِنا وغُرمائِنا، اختلفنا على أبطالِنا وخَوَنَتِنا، نحنُ بحاجةٍ إلى رمزٍ يوحدُنا، إلى قصةٍ عنا نلتفُ حولها، إلى أغنيةٍ تمثلُنا، نحنُ بحاجةٍ إلى أن نهدأ ونُفكر: من نحن! وماذا تعني لنا بلادُنا؟ ماذا سنكونُ من غيرِها؟ ما جدوى أن نحمل اسم (العراق)؟
هل مات أجدادُنا وآبناؤنا كي نقتتلَ بيننا ونكرهُ بعضنا؟
هل سالَ الدمُ طيلة مئة سنةٍ كي نُسيلَ دمَ بعضِنا ونشتمَ بعضَنا ونسئ الأدبَ لبعضنا؟ ردة فعل؟ نعم! لنتحملها من بعض! لننساها، لنحمل أبناءَ أمتنا على ألفِ محمل..
علينا أن نُدرِكَ أخطائنا لنشخص علّتنا، أن نستوعب الصوابَ ونفهمه ونسيرَ عليه، لسنا إرهابيين! لسنا قتَلةً أو فاسدين، لم نكن كذلك حتى صارَ بعضُنا كذلكَ في أقلَّ من عشرينَ عاماً، لكن معدننا ليس هذا، فلا حكايا جدّاتنا تقولُ عنا أنّنا كذلك! ولا قصصُ ألفِ ليلةٍ وليلة، ولا مسلسلاتِنا أو أغانينا القديمة، ما حدثَ من مَسخٍ لأرواحِنا فعلتهُ الأيامُ والظروف، علينا أن نكفَ عنهُ الآن! أن ندرك الجوهر الطيّبَ الذي في نفوسنا بعد أن طمره الحقدُ والشر، طمرهُ دُخان الحروبِ ودمُ الشهداءِ والأعداء..
لنصمُتَ دقيقةً الآن، أو ساعة، أو يوم، ننظرُ أثنائها في أنفسِنا، نُراجعُ أفعالنا، هل نحنُ عراقيونَ صالحون؟ كيف يجب أن نكونَ صالحين؟
لنصمت مهما شئنا حتى ندركَ الصواب، لكن المهم..
أن لا نَصمُتَ إلى الأبد، ونتركُ شُرورنا تتحكم بنا، وببلادِنا من خِلالِنا..
الحمدُ لله الذي أبقى في ضمائِرنا ما يدعونا لمُراجعةِ أنفسِنا، وألهم أرواحَنا عاطفةَ الدمعِ في تذكُرِ بلادَنا، ولم يجعل قلوبنا كالحجارةِ أو أشدَّ قسوة، والسلامُ على موحّدِ أمةٍ من مفردٍ واحد، محمدٍ النبي العربي، شيخِنا ورمزِنا الذي دفعهُ إيمانهُ لليقينِ بجدوى توحيد الناس، ودفْعِ الشرَ عن قلوبهم، حتى جعل منهم أمةً على كلمةٍ سواء..
أنصتوا لأنفسكم يرحمكم الله، واسمعوا لها وهي تصارحكم بأخطائكم تجاهَ بلادِكم، ولتدُم رسالة الله العظيم الواضحة نهجاً ورسالةً لنا أجمعين:
"فاستقم كما أُمِرت".
#رسلي_المالكي