مقالات مختارة

سياسية, اقتصادية, اجتماعية

في طيف رآه ابن الأغبر

قيم هذه المقالة
(3 تقييمات)
Print Friendly, PDF & Email

وجاء في الأثر :

أن حطامة ابن الأغبر صحا من منامهِ فزعاً، ففزعت لمفزعه زوجته المكرودة بنت المظلوم، ولما رأته كذا، أفرغت كوز ماءٍ على رأسه، ثم سألته عما به فقال:

يا مكرودة، إني رأيت ثلاثمئة وخمسة وسبعين كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لهم ساجدين!

فقالت: أأنتهي من يوزر سيف على قناة آسيا فتأتني أنت؟
قال: كفي عن هذا، وأخبريني بتأويله.
قالت: يا حطامة لا تقصص رؤياك في البرلمان فيكيدوا لك كيدا.
قال: بل أن الثلاثمئة وخمسة وسبعين كوكباً هم نواب البرلمان، وأما الشمس والقمر فهم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
قالت: نم الليلة ودعه، فلعل الله يحدثُ بعد ذلك أمرا.

فلما كان الصباح، ركب ابن الأغبر بغلته (ضيومة) وسار بها إلى البرلمان، فولج عليهم بها فوجد كلَ نائبٍ منهم قد أمسك بتلابيب آخر وراح يضربه، حتى كاد العراك أن يكون بالمجانيق، والدفرات والجلاليق، فصاح بهم يقول:

ألشمسُ شمسي والعراقُ عراقي..
يا زمرةَ الأرذالِ والفُساقِ..
إن لم تكونوا هادئين لفورِكم..
لكَويتُ أيما عجزَ بالجلاقِ..

فهدأ النواب، وتبسبسوا بالأسباب، واقترب ابن الأغبر من مقعد الحلبوسي وأدار بغلته لجانب عجيزتها، فرفسته عن كرسيه الى الأرض، وجلس حطامة مكانه.

فلما استوى على الكرسي قال:
أيها الناس، إنكم ابتليتم بي، وابتليتُ بكم، والله، لألحونكم لحو العصا، ولأضربنكم ضرب حوافر البغل، ولأوشكُ أن اوقع بكم وقعةً تذر أستَ خالد العطية مطاطا، وشفاهَ ناهدة الدايني بطباطا، ولأهبرنكم بالشتمِ هبرا..

والله، لآمرنَّ أحدكم أن يصوت لهذا القانون وصوّت للقانون الذي يليه إلا كسرتُ خشمه، وثقبتُ أذنه، وشققتُ حلكه، فلأؤدبنكم غير هذا الأدب، وإني لأرى أبصاراً حولة، وأعناقاً ملتهبة، ووجوهاً كالحة، ودماءً مالحة، إذ أطبقتُ عليكم أنا والجائحة، فإنني والله لأحمل الشر بحمله، وأضربكم بنعله، وأجزيكم بمثله.

فلما فرغ مما قال، قام له مشعان الجبوري واستأذنه أن يدع يزناً يغادر القاعة، فقذفه ابن الأغبر بنفاضةٍ كانت على الطاولة فشج رأسه.

ثم دخل حليم وذو القرنين*، فتلقاهما حطامة بأن قال:
ألحمدُ لله الذي أعزَّ البرلمان بكِلا الغبيَّين.

ثم أوقفهم جميعاً وقد ولوه أدبارهم، فختم عليها حوافر بغلته فرداً فرداً، ولم يفرغ عن ذلك حتى مال ميزانُ الشمس إلى المغيب، ثم تركهم هكذا وعاد لبيته في رصافة بغداد.

وحين بلغ دارهُ رأته المكرودة، فأنشد لها يقول:
يا أخت خير البدوِ والحضارة..
كيف تريني إن شننتُ الغارة؟
دخلتُ للمجلسِ من أسواره..
إياكِ أعني واسمعي يا جارة..

فأجابت تقول:

تره انته انته انته انته انته..
تره انته.. حيل راعبهم..

* ذو القرنين: رئيسٌ قال له أحدهم إن له قرون، وفي روايةٍ أخرى (سربوت).

 

 

 

لبديع الزمان
#رسلي_المالكي

___________________________________________

 
 
 

معلومات إضافية

القراءات 99 مرة

اترك تعليقا

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.

Image

للتحدث معنـا

عـدد الـزيارات

مجموع الزيارات للمــوقع 78733

حاليا يوجد 2 guests ضيوف على الموقع

Kubik-Rubik Joomla! Extensions