في تحامل الدنيا بين الناس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ..
أما بعد..
فإن الدنيا قد صعُبَت على بعضكم دون بعضكم، وسهَلَت على بعضكم دون بعضكم، فتحاملوها فيما بينكم بأن يسهّلَ من سهلت عليه دنياه على من صعبت عليه، فإنّه إن فعل أمن تبدل الدنيا إن تبدلت، فإن صعبت عليه ذات يومٍ سخّر الله له من يسهّلها عليه، وتحاملوا حمل بعضكم بما استطعتم، وتمايلوا على بعضكم فيعينُ بعضكم بعضاً، وتعجلوا الخير فإن خيره عاجله، وإن من لم يجد في جيبه ديناراً يرفعُ به حمل أخيه فكلمةٌ طيبة، فإنما الدنيا دار امتحان، وإن الله يسمعُ ويرى.
واستروا أخاكم إن أعنتموه، فلا يتبجح الرجلُ منكم بما أعان على من أعان بأن يفتضحَ عونهُ له، فإن عوناً جاء علناً إنما يرادُ به رضا الناس لا رضا الرحمن، ورضا الناسِ زائلٌ وماعند الله باق، فإن ممن يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله لرجلٌ تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلمُ شمالهُ بما تنفقُ يمينه، وإنما المُلكُ لله، وزعه على عباده بغايةٍ وقدر، فجعل هذا بحاجةِ ذاك، وإن من نعم الله على المرء أن جعل حاجة الناسِ إليه، وإن من وسّع اللهُ عليه فقد أضاق على غيره امتحاناً وعِبرة، سوى أن هناك من ارتضى أن ينامَ وهو يريدُ تصدُق الناسِ عليه خدرا، فهذا لا يستحق، وإن غيره لأحقُ منه، فمن كان يملكُ الشدةَ للاقتيات، والقدرة للاسترزاق، ولم يعمل لأنه اعتمد على الناس إنما أفقر نفسهُ بيديه، واتكل على تعبِ غيره، وهذا ليس في ضيقٍ ولا فاقة، إنما هو من كسلٍ واعتماد.
أيها الناس، من أسعدَ منكم يتيماً أسعد اللهُ قلبه، ومن ناول منكم رغيفاً ناوله الله من فضله ضعفه، وإن الحسنةَ بعشرِ أمثالِها، وإن مائدة اللهِ ممدودةٌ لعباده ممن عملَ فأصلَح، وإن مالَ الحرامِ ليقتلُ صاحبه، وإن رغيفاً بحلالٍ خيرٌ من عشرةٍ احتصدها صاحبها وهو يعلم بأنها حقُ غيره، ومن احتال أو اكتالَ على الناسِ فويلٌ للمطففين، ومن سرقَ ووَهبَ مما سرق للناسِ فإن اللهُ طيّبٌ لا يرضى إلا الطيب من المنح، وهو أعلمُ بذات الصدور.
من كانت لديهِ أمانةٌ فليؤدها إلى أهلِها، ولا يخونُ بعضكم بعضاً في ماله، ولا تسرفُ المرأةُ في مالِ زوجها، ولا تزد في طلباتها بما يثقلُ عليه غيرةً من غيرها، ومن باعَ أرضاً أو داراً فلم يجعل مالهَا في غيرها كانَ قميناً على الله أن لا يبارك له فيه، واحذروا المال الحرام، وتباعدوا عن الظُلم، ولا يأكل بعضكم حق بعض، ولا تحتكروا، ولا تبايعوا الشر وما يؤذي ببيعه الناس، واعطوا الأجير أجره، وزيدوا على أجرِ من رأيتم تعبهُ قد زادَ عما اتفقتم عليه منه، واحفظوا مالكم فلا يضيعُ فتتهموا بضياعه بريئاً، ثم تعلموا أنه بريء، فتظلموه وتظلموا أنفسكم، وتعجلوا النصح، واستبطؤوا الظن السوء، واتقوا الله.
والحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
#رسلي_المالكي
___________________________________________
معلومات إضافية
- عودة: العودة الى مقالات رسلي
اترك تعليقا
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.