في خرق حظر التجوال
عن حطامة ابن الأغبر انه قال:
في إحدى سني حكم المعز لدين الله نوري المالكي العجاف، ووسط صافرات العسس والإسعاف، أمر الخليفة المالكي بحظر التجوال في حين غرة، ولم يقبل ان ياخذ الناس ولو فرّة، فقد عملها هذه المرّة، أملاً منه في ان تَسلم الجَرّة، فاستغرب الناس الأمر في بغداد، والانبار والبصرة.
وكان مما استغربوه، واستهجنوه وأدانوه، هو أن المعز المالكي حظر السير على الدواب ذات الفحص المؤقت، برقمها الأسود، فلم تعلم الناس ما وراء ذاك من مغزى، في منع البغال والمعزى.
ولما كان المنير لقبور العبيد، صاحب التصريحات والمواعيد (كريم بن عفتان ) وزير الطاقة قد وعد بها ولم يوف، لم يكن الناس ليعلموا بالخبر لانعدام الطاقة بأنطفاء المحطات، وقلة كاز المولدات.
ومن بين أوليك الناس، كان حطامة ابن الأغبر من الجاهلين الخبر، غير العارفين السر، فانطلق صباح يوم الحظر، دون علمه بالأمر، على بغلته الكِر، لزيارة صاحبه عوانة ابن الأشعث في كرخ بغداد، فقد كان بيت حطامة في رصافتها.
فلما رأى العاصمة خلت من أهلها، دندن على بغلته يقول:
سيري سيري فيّ يا ذي الراكبة..
ولا تشكي عطشاً أومسغبَة..
الدرب هذا اليوم من تلك خلا..
تلك صفراءُ اسمها " السايِبة "..
وبلمح البصر، طبكت الدوريات، وانهالت الهراوات، على يد قوات سوات، ولم يشعر ابن الأغبر الا وقد تم تغليفه، ولما احس، رأى انه قد تم تشريفه، بمقابلة الملك الخليفة، المعز لدين الله نوري المالكي.
فلما فتح عيناه، أمر المالكي العسس بالمغادرة، ليجلس مع ابن الأغبر جلسةً عابرة، ويسأله عن طلعته الغادرة، في حظر تجوال الشاردة والصادرة.
فتجاهله ابن الأغبر وتظاهر انه يحدّث حصانه وقال:
يا كرُّ ما قلتَ بذي الفرارة؟..
ومن بقربي أمسك الوزارة..
يحظرنا من رؤيةِ عوانة..
إياكَ أعني واسمعي يا جارة..
فقال المالكي: إنما هو حفاظ عليكم.
قال حطامة: وانته منوحاجي وياك؟
فتنحنح المالكي وكان يعلم بجرأة حطامة.. فقال: يا حطامة، إنما منعنا الفحص المؤقت، لوضعٍ مشتت، وبلدٍ مفتت، أولم تخرج إلى عوانة الا بيوم الحظر؟
قال حطامة: وانت، أولم تحظر السير الا عندما اردت الذهاب إلى عوانة؟
فغضب المالكي، وأمر بايداعه السجن، فلما ولج حطامة السجن وجد عوانة ابن الأشعث في الزنزانة قد اعتقل لخروجه ايضا، فانشد عوانة:
تعال اكعد وره الباب.. تعال..
تعال وشوف الاحزاب.. تعال..
فصاح حطامة:
ليس ذا عمرٌ فذلك الممات..
بين حظر المشي.. ومنع المَفات..
ذا بلاءٌ بكلاب السيطرات..
وابتلاءٌ بمن اسمهم: سُوات..
وقضيا في السجن عاما ليخرجا بكفالة المكرودة بنت المظلوم - زوجة حطامة - التي عادت بهما إلى بيتها تقول قاصدةً المالكي:
يا بوردين يابوردانه.. شقلنالج.. يا داده زعلانه...
لبديع الزمان
#رسلي_المالكي
___________________________________________
معلومات إضافية
- عودة: العودة الى مقالات رسلي
اترك تعليقا
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.