في استيراد جهاز كشف المتفجرات
عن حطامة ابن الأغبر انه قال:
في أوج عهد المعز لدين الله نوري المالكي، ازدادت الخروقات، وانتشرت الانفجارات، فأراد المعز المالكي سببا يخفف به الحال مما بالرعية، فبحث عن طريقٍ يكشف به النيران قبل اشتعالها، والانفجارات قبل وقوعها، فيقل بذلك الإرهاب، ويشبع الأعراب، بالتكة والكباب.
فلما بحث في علماء البلاد، وفقهاء العباد، لم يجد فيهم من يخترع له سلاحا يواجه به ما لدى الارهابيين، من بغالٍ ملغمة، وقنابل مجسمة، فأرسل وزيره المبعوث بأمر الله هوشيار زيباري إلى ملكة الروم، يطالبها النجدة، وتعطيه النشدة.
ولما وصل، استقبلته ملكتهم وكان اسمها اليزابيث، نسبة إلى العراقي باقر جبر الزبيدي الذي عشقته منذ صغرها، حينما كان في بلاد الروم معارضا، إلا أنه تركها وعاد إلى بلاده، فهامت فيه حتى قيل انها رفضت التاج، والتجات إلى قن الدجاج، حزناً وكمداً عليه، لكنها عادت لرشدها، فغيرت اسمها من "خوله" إلى "اليزابيث" نسبة إلى لقب حبيبها "الزبيدي ".
وبعد حفاوة استقبالها لزيباري، وبعد طش الورود، واحمرار الوجنات والخدود، التقتهُ بجمعٍ من قادة جيش الروم، فعرض عليهم الحال، مما في البلاد من أهوال، وتفجيراتٍ واقتتال، فقال قائلٌ منهم، ان لدية جهازا يقتفي أثر الطير بأنفه. فكان ذلك جهاز الآي دي.
فلما رأى زيباري الجهاز، شعر بقرب المفاز، ونهاية تطاير الشرار والكزاز، فعاد به إلى الديار، فرحاً به للسَتّار، حالماً بنهاية الغمار، وبداية البناءِ والاعمار.
فتلقاهُ المعز المالكي، وأمر أمير الجند ان يعمم الجهاز على السيطرات، وان يوضع في الشوارع والممرات، فكان له ما أمر، فنام المالكي ليلتهُ الأولى قرير العين، ولما وضع رأسه على الوسادة قال:
وبتُّ قرير العين، اُعطيتُ حاجتي..
أدخّلُ (آي دي) للبلادِ فاُكثرُ..
فيالك من آي ديُّ.. طال انتظارهُ..
وماكان آي دي قبل ذلك يُذكرُ..
لكن ليلتهُ تلك ما مرّت على خير، فلم يهنأ بها بشرٌ ولا طير، فقد انفجرت ككل ليلة، بغلةٌ عليلة، فتطاير الغبار، وتناثر الشرار، فأصابت من اصابت، وفزع المعز المالكي، من نومةٍ هنيئة، وغفوةٍ بريئة، ولما علم بالأمر، جمع قادة الحرب، وأغلق كل درب، وضرب الأطواق، وعزّل الأسواق، فانقلب الحال، واندلع السجال، وأعلن حظر التجوال.
فأرسل زيباري إلى اليزابيث يدعوها إلى التفكر فيما صنعت، فلما رأت ما أرسلت، صكت وجهها صكةً حتى سمعت صكتها ديانا في قبرها، فقد رأت اليزابيث ان جهازها مغشوش، لا يصلح للحرب والجيوش، ولما علمت بالمسالة، أعدمت صانعهُ بالمقصلة، فردّ زيباري للمالكي، وأعلمه بفشل الجهاز، وأٍنشد يقول والاريل يدندل من يمينه:
يشير إذا ما الناس بالعطر اكثروا..
عليهم وتجري بالصفاء القنابلُ..
فإن ترَ سيطرةً تُقام فإنهُ..
ذا صاحب الآي دي اتاكَ يهرولُ..
فدندلهُ قرب التي تركب بها..
وعن حملك الأسلاح جائك يسالُ..
فان أنت قلت لهُ بأنهُ في فمي..
جذرٌ احشيهِ فإنك مُقبلُ..
وإن مرّ من تفني الورى عبواتهُ..
فقد مرّ مرتاحاً وأنت ستقتلُ..
فحك المالكي صلعته، واعد للناس طلعته، فخطب فيهم جمعا، وبعد أن حمد الله وأثنى عليه، قال:
أما بعد..
فأنه لجهازٌ حكيم، ذورأي مقيم، يكشف الاباطيل، ويعرف الاحابيل، لا يقبل الرشوة، ويكشف الحشوة، يبحث الحديد والصخور، ويشير للسبيرتو والعطور، وإني لمعاهدٌ اليزابيث ما حييت، ان لا جهاز يرجع، ولا عينٌ لها تدمع، ولا (اي دي ) من بغداد يُرفع، فإن هي اعدمت صانعه بالمقصله، فإن ارايلهُ ستبقى في العراق مدندله، تنتصب وتاأم، وتصنع الزاأم، فإن لم ترضوا برأيي فلا تبايعونِ، ولا ترشحون ولا تنتخبونِ، وانسوني وانسوا دولة القانون.. و السلام.
فلما حالت الانتخابات، وتلونت السبابات، كان أهل العراق قد بايعوا المعز المالكي لولاية جديدة، في البرلمان والمحافظات، والمدن والقصبات، بعد كل ما مر بهم من انفجارات، واهوالٍ ونكبات، فلما رأى الشاعر البغدادي حطامة ابن الأغبر الحال، مر قرب السيطرة، فنظر إلى حديدة الـ(آي دي ) تشير برأسها إليه، فخاطبها وهويقول:
أشيري عليّ الرأس.. وانسي من مضى..
ينوي القتالَ ويقصدُ التفجيرا..
لي في الفؤادِ على المُعزِّ شتيمةً..
لوتعلميها لزدتني تاشيرا...
فازداد تاشير الحديدة على فؤاد ابن الأغبر، حتى عـــطل الـ(آي دي)..
لبديع الزمان
#رسلي_المالكي
___________________________________________
معلومات إضافية
- عودة: العودة الى مقالات رسلي
اترك تعليقا
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.