في اجتماع الفضائيات
عن حطامة ابن الأغبر انه قال:
لما حل بالعراق ما حل من التشتت والضياع، ونهشت الفضائيات فيه نهش الضباع، قرر أقطاب الحكم آنذاك أن يعقدوا اجتماعا في سقيفةٍ الحكم في المنطقة الخضراء، ويجمعوا أصحاب الفضائيات ليتشاوروا معهم في سبب ما آل إليه الحال، واندلع فيه السجال، وكثر فيه المقال، وبهامش الجلسة أن يشاوروا الأزمة بين البرشا والريال.
فوصلوا على الموعد المقرر، واجتمعوا في المكان المقدّر، وكانوا في خمسةٍ من أقطاب الحكم في البلاد، وعشرين ونيّف من الفضائيات المتحكمة بمصائر العباد.
فاجتمع المعتصم بالله الطالباني، والمعز لدين الله المالكي، والمستنجد بالله الجعفري، والمستكفي بالله النجيفي، والمتقي لله أياد علاوي، على حضور " الشرقية " و"البغدادية " و"الأنوار" و"المسار" و"بغداد" و"الرافدين" و"الموصلية" "الفرات " وعشرين فضائية أخرى تحت لوائها.
فافتتح الطالباني الكلأم، فابتدأ بالحمد والسلام، وقال:
أما بعد.. فاننا نفتتحُ لقائنا هذا تحت شعار " مركتنه عله زياكنه "، لتدارك الأمور، واستنهاض مابنا من فتور، لحل الازمات، ودرء الخطرات، ومنع العركات، وإسكات الشر من الأصوات، فما ترون يا أهل الفضائيات، والراديو والمحطات، والتلفزيون والستلايت؟
قال صاحب "الرافدين ":
أن نَقسِم الوطن إلى قسمينِ..
وكل قسمٍ يمضي ويُقسّمُ..
ثم تعودُ كل اقسامهِ..
تقسمُ عن بعضٍ وتنقسمُ..
ضجت السقيفة بدوي الاعتراض، ونهي الافتراض، فطأطأ صاحب الرافدين رأسه ناظرا إلى ملبسه " الزيتوني " بعد أن ترزل من المعز المالكي، ثم تحدث صاحب الأنوار الثانية وكان معمما كريه المنظر، كث اللحية، أسود الوجنتين، فقال وهو يطك بسبحته ذات المائة وواحد:
إيران منا.. نحن من ايرانا..
(خامنيئي)ـنا، وحده مولانا..
السايبه والبرفاب انتاجنا..
سمند منا.. صفرةٌ ألوأنا...
فضجت القاعة مجددا وقام علاوي فنهر صاحب الأنوار، وحاول الاخير رشوته بـ"سايبه " لكنه رفض، وقال له: " إنما أنت تلك الريح الصفراء، القادمة من قم وطهران"، ولا يُعلم لماذا سميت صفراء، ربما لان الشمس ضربتها من قبل، ولما ترزل وسكت، نهض صاحب الشرقية، فعدّل ربطته، وتنحنح وتكحكح، ثم قال:
نحن الذين ثبرنا الكون شاشتنا..
لكنما الوضع إقبالٌ وادبارُ..
أنا الاخبار، لسإني " عاجلٌ " وفمي..
" الخلاصة ".. و"ليفة " عندي افكارُ..
فرفض المستنجد الجعفري حضورها، فنهر صاحبها بكلام طويل لم نفهم معناه، لكنه ذكر فيه شئ عن الفسيفساء الوطنية واللحمة السياسية وربى الديمقراطية الجديدة.
في تلك الاثناء وعند ذاك اللقاء، انفجرت بغلة مفخخة تركها رجل في الشارع، فهب أصحاب القنوات إلى قنواتهم تاركين الاجتماع، فصاح صاحب الانوار "انهم النواصب"، وصرخ صاحب الشرقية " هم الفرس " فيما راح صاحب الرافدين ينعق عن انها " للمقاومة الشريفة ".
فتزاحم الاثير، وذهل ضحايا التفجير، وفي قمة ذلك الحال، وهوسة العرك وتكافش القذال، ولغوة العاجل والحوار والسجال، مرت قناة العراقية على بغلتها تمشي الهوينا، وتصيح بالناس، أن "وكيحا" أراد اشعال عود، فأمسكته الاسود، وأودعته السجن المقيم، بأنتظار الحكم السليم، من القاضي الحكيم، وأطلت المذيعة كالنسيم، في مساءٍ حميم، تتحدث عن الزهور، والفرح والسرور، وتحدثت عن الأمان، فخاطت بصف الاستكان، حتى أدركها الصباح، فسكتت عن "الجذب" والنباح..
لبديع الزمان
#رسلي_المالكي
___________________________________________
معلومات إضافية
- عودة: العودة الى مقالات رسلي
اترك تعليقا
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.