مقالات مختارة

سياسية, اقتصادية, اجتماعية

في معالجة الحكام العادلة لمشاكل الرعية الجاحدة

قيم هذه المقالة
(1 Vote)
Print Friendly, PDF & Email

عن حطامة ابن الأغبر انه قال:

مر المعز لدين الله نوري المالكي في أحد شوارع بغداد يوما، وكان معه حاجبه الخاشع لهيبة الله عزت الشابندر، فرأى حفرة مقاسها ذراع في رصيف الشارع، ولم تكن قد كساها القرميد، الذي كان يفترش أرض بغداد طولا وعرضا، وعرضا وطولا، فأمر حاجبه الشابندر بأن يرسل له بطلب زارع جنة الله صابر العيساوي من أجل ان يناقشه بأمر الذراع من الأرض البغدادية تلك.

فلما حضر العيساوي وتباحث مع المالكي، قرر المالكي أن يأمر الأمين العيساوي بأن يشكل لجنة تدرس وضع ذلك الذراع من الأرض وان تتشكل بعدها لجنة أخرى لدراسة نتائج اللجنة الأولى، ثم تقوم لجنة ثالثة بدراسة الجدوى مما قررته اللجنة الثانية، أما اللجنة الرابعة فواجبها ان تضع قرارها من "مُونة" ما كان من قرارات اللجان التي سبقتها، ثم تعرض للشورى ويتم التصويت على قراراتها تحت سقيفة النواب، فلما تم ذلك بعد عامين، تم القرار بأن يزرع ذلك الذراع من الأرض بنخلة تجلب من بصرة العراق، فكان ذلك، وكانت النخلة ونقلها وزرعها قد كلّف مئة دينار من الذهب، واللجانُ ألف دينار.

وبعد أيام ولما ذبلت النخلة لانشغال السقا عنها بالعبادة والاعتكاف، مر من هناك المعتصم بالله الطالباني، فلما رآها كذلك وقد تيبست، بكى وتململ حزنا عليها ثم قال:

اشكوإلى الله من لم يسقها ماءً..
ومرًّ بالتنكر الماشي ولم يقفا...
يا ذو التناكر أشكوكم إلى ربٍ..
سوى النخيل وحلَّ برأسه السَعَفا..

فأمر المعتصم الطالباني حاجبه المتكهرب من رهبة الله روز نوري شاويس بأن تقتلع النخلة من الأرض، بعد أن تعمل اللجان عملها في القضية، فلما تم ذلك كان قد كلّف بيت المال مئة دينارٍ ذهبي، وكلفت اللجانُ ألف دينار.

وبعد أيام مر المستكفي بالله النجيفي، ورأى الأرض غائرة من اثر النخلة المقلوعة، فقال:

وغارت الأرض من ذنبِ الولاةِ فلا..
من نخلةٍ في غوارِ الأرض أورطبِ..
من ذا احاسبُ؟؟ عبعوباً وشلّتهُ؟؟
أم " المقاولون " وهم من دولة "العَربِ"؟!

 

وأمر حاجبهُ الواثق بالله جمال البطيخ بأن يطمر تلك الحفرة، بعد اخذ راي اللجان في ذلك، فكلف طمر الحفرة بيت المال مئة دينار ذهبي، واللجانُ الفا.

ثم مر المستنجد بالله الجعفري، فصفن عليها قليلاً وأمر حاجبه الدارخ كتاب الله حميد المعله أن تفرش بالقرميد، وكلف ذلك مع لجانه بيت المال الفاً ومائة دينار ذهبي.

ثم مر الواثق بالله أياد علاوي، وقد رأى القرميد قد غار في الأرض لرداءة صنعه، فأوقف بغلته وقال:

رُب من وضع المقرنص..
في عدالٍ واعتناء..
وتلوينٍ وانبهارٍ..
وسلام وهناء..
حتى غاصت في وحولٍ..
وانقضى منها الرجاء..
وتبعثرن طويلا..
في الدروب للفناء..
صابراً.. عبعوبُ.. مهلا..
قد كفانا ذا الرياء...

وأمر بأن يرفع القرميد وأن تترك كحفرة، وكان ذلك بستة لجان كلفت الفا وأربع مائة دينار من الذهب.
ثم مر المطلك، وحين رأى الحال كما هو، بكى وانصرف.

ثم استمر مرور ولاة المنطقة الخضراء من نواب ووزراء، ومقاولين وابناء الوزراء، ونسائب الوزراء وأحفاد جيران النواب واخوة المقاولين وأبناء عمومة المحافظين والأمراء، وأبناء افخاذ عشائر المنتسبين في مجلس الوزراء، والقائمقاميين ومختاروا المحلات والمجلس البلدي، وغيرهم كثير، استمر مرورهم على الذراع من تلك الأرض اعواما افرغت بيت المال منه، إلى أن جاء اخر خلفاء بني الخضراء المعز المالكي مجددا وأمر بوضع صبة كونكريت واغلق الطريق، وكتب على الصبه " احترم تحترم ".. ولا يزالُ مقطوعا حتى يومنا هذا.

 

لبديع الزمان
#رسلي_المالكي

___________________________________________

 
 
 

معلومات إضافية

القراءات 72 مرة

اترك تعليقا

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.

Image

للتحدث معنـا

عـدد الـزيارات

مجموع الزيارات للمــوقع 78801

حاليا يوجد 4 guests ضيوف على الموقع

Kubik-Rubik Joomla! Extensions