لما نزل أهل العراق في بلاد باراك الأوبامي
عن حطامة ابن الأغبر انه قال:
وصل قاربُ رجلٍ مستشرق من بلاد الغرب إلى بصرة العراق، ومكث فيها ثم انتقل إلى الكوفة فواسط فسرَّ من رأى، ثم إلى نينوى فبغداد، وبقي في بغداد عشراً أذهله فيها قبابها وتراثها وجمال وبساطةِ حياة أهلها، فأعجب بسحرِ الشرق المنعكس على وجه دجلتها وقباب منطقتها الخضراء، وكان المستشرق هذا قد جاء من البلاد التي يقال لها أمير عكا، نسبة للفاتح العربي الذي عبر إليها بذوات الصواري من السفن وفتحها على يده سنة ألف للهجرة فسمّيت باسمه " أمير عكا "، إلا ان أهلها استصعبوا اسمها فاسموها " أميركا "، مختصرين اسمها، ومسهّلين نطقها.
ففكّر المستشرق الأمير عكّي هذا بنقل واقع سحر الشرق وجمال حياة أهل بغداد إلى بلاده، وكانت تلك أيام أوج زهو حكم المعز لدين الله نوري المالكي.
فذهب إلى بلاده راجعا ونزل عند أميرها " باراك بن الحسين الأوبامي " وسرد له ما رآه في بغداد بشغف، وكان ذلك بمزرعة الأمير في أرض يقال لها لوس الجليس، ثم اقترح الرجل المستشرق على أميره الأوبامي نقل التراث البغدادي إلى أميركا، وبعد مباحثة ومشور، ولغوةٍ وثبور، اتفقوا على مباحثة أمير المؤمنين المعز لدين الله المالكي بأن يرسل بضعة الاف أهل العراق ليعيشوا في أميركا فيضيفوا لمستهم التراثية، حاملين معهم سحر بلاد بغداد، وجمالها الأخاذ، إلى بلاد أمير عكا.
فلما أرسلوا الرسول، وسمع منه المالكي، أصابه الذهول، بعد تفكير عميق، وتمحيصٍ دقيق، لقي الأمر من المالكي القبول، واجتمعت السفائن لحمل عشرة الاف عراقي من موانئ البصرة، وقرعت لذلك الطبول، ولتوديعهم ذبحت العجول، فانطلقت الاساطيل، إلى بحر الظلمات، ثم إلى بلاد أميركا، فنزلوا في سواحلها، ودخلوا إلى عاصمتها وسط الترحيب، تفوح منهم رائحة الطعام الشرقي من الثريد والتشريب.
ولما دخلوا مدينة يقال لها واشنطن، وبعد مرور عامين، انقلب حال المدينة رأسا على عقب، فأصابها من العراقيين شر التغيير، وساء فيها الحال والتدبير.
فقد حفر العراقيون الشوارع واخرجوا منها أنابيب مياه الأبي، وسحبوها إلى منازلهم، وحوّل أهل التزوير سور بيتها الابيض إلى ساحة تزوير الجوازات، وختم الهويات، حتى كتبوا على دار الشرطة والعسس " سكن عوائل "، وتجازوا على الكهرباء، وأفاضوا بغسلهم دوابهم الشوارع بالماء، وحين حانت الانتخابات، شوهدت صورة المستنجد بالله ابراهيم الجعفري أمام البيت الابيض وهويرفع يديه كاتبا تحته " معكم معكم "، واخرى رفعت أمام الشاطئ للقائم بسنينة الله رافع العيساوي ونجمته الخضراء، واخرى للمعتصم بالله الطالباني وابتسامته البلهاء، فانحدر الحال ببلاد أمير عكا وأمتلات الشوارع بالمتسولين، وساحاتها ببيوت المتجاوزين، واصبح بنيانها المتطاول ينشر عليه الغسيل، وتمر الدواب والخرفان في دروبها كالرعيل.
فلم يسّر الحال أميرها الأوبامي، فكتب للمالكي:
جائنا منك من الشرقِ بلا...
فتقُنا لا ينغلق بالرَتَقِ..
خذ عراقييك عني للفلا..
ساعة السودة بأهل المشرقِ..
فغضب المالكي، وردَّ عليه قائلاً:
ما وجهُ نعمةَ أنت يا أوبامي..
ما فاد فيك القربُ والتقريبُ..
أرسلتهم كي يطعموك ثريدةً..
فيما بداه الاكلُ والتشريبُ...
وأرسل وزيره الفاعل لخير الله هوشيار زيباري ليسوي الأمور، الا انه وجد الأمير الأوبامي على غير حاله، فقد ابيض رأسه واشيبت قذاله، ولم يتكلم لشدة عطاسه وسعاله، فتركه على أمره وحاله، مقتربا من آجاله، وعاد بالعراقيين إلى شواطئ البصرة تاركاً أميركا وراء اذياله، فاستقبلهم هناك أهلها بالدفوف والزنابير، واقيم لهم ما يسميه أهل العراق: عرس وعد عبيد !!
وزيباري حكومة ولا تحاجونه!
لبديع الزمان
#رسلي_المالكي
___________________________________________
معلومات إضافية
- عودة: العودة الى مقالات رسلي
اترك تعليقا
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.