عن حطامة ابن الأغبر انه قال:

في يوم من أيام حكم بني الخضراء، جلس المعز لله نوري المالكي ووزيره القائم بسنينة الله رافع العيساوي في حديقة قصر الخلافة، وقد نشرت عليهم الشمس شعاعها، وأسمعتهم أمواج دجلة إيقاعها، فبينما هم كذلك، أنجزوا معاملات الناس، وأتموا نواقص عيشهم، فصار لهم وقت للفراغ، بعد أن صلوا الظهر.
فأراد العيساوي ان يمر الوقت قبيل إذا العصر بشئ من التغيير، فقال لمولاه المالكي: يا مولاي، ما تقول أن تتمنى أنت أمنية وأن اتمنى أنا أخرى؟ فإنما هذا ما سيقضي الوقت لحين الأذان، قال المالكي: إذن فتمنَّ انت.

قال العيساوي: يا مولاي، أتمنى ان يكون لي قطيع من الخراف عدده ألف رأس.
قال المالكي: وأنا اتمنى أن يكون لي قطيع من الذئاب عدده ألف رأس.. قالها مبتسما وقد بأنت ضواحكه..
فغضب العيساوي وأحس أن المالكي يريد به شراً وبخرافه الموعودة، وأنه يريد أن يضره، فقام وصاح: أما هي طائفيةُ واضحة، وفرقةٌ فاضحة، وإني أمهلك أن تتراجع عن أمنيتك أوان يكون لي معك ما يكون، فاعتز المالكي برأيه لما رآه من فضاضة وزيره، وقال: بل انني متمنٍ ما تمنيت ولتضرب رأسك بحوائط القصر.

فشد العيساوي رحاله إلى أهله في بادية العراق، وجمع المالكي أهله من جنوب العراق وذهبوا لملاقاة بعضهم.، فلما صار الموقع في الكيلو مائة وستون، تلاقى الجيشان، ثم أن حكماءا من الطرفين اتفقا على ان يحكّما أول رجل يمر بالموقع، فجاء رجل وكان حاله متعباً، وحين حدثوه فإذا به المعتصم بالله جلال طالباني.

فقالوا له: نحكمك في مسألة بين المالكي والعيساوي وهي كذا وكذا فمن هوالباغي؟ وكان الطالباني بقرب حقل نفط كبير، به من الذهب الأسود الكثير، ففتح الكاك وجعل النفط يتدفق إلى الخارج ويحترق وقال: يحرق الله أيام عمري كهذا النفط إن لم يكونا احمقين.
وانشد:

كالنفط هذا العامرُ بالوهجِ..
لتفنَ أيامي ويفنى نهجي..
انتم ولاةَ الدارِ والديارِ..؟؟
أم كالسكارى وسط باب الشرجي؟؟..

فرجعت الجيوش وسكتت طبول الحرب، لكنه بقي النفط يتسرب بسبب طالباني حتى انتهى العراق منه وما بقي فيه قطرة نفطٍ واحدة، فكان تشبيه الطالباني لحال المعز المالكي والقائم العيساوي الأغلى في تاريخ العرب.

لبديع الزمان
#رسلي_المالكي

___________________________________________