في عدل نوري المالكي و أسامة النجيفي
عن حطامة ابن الأغبر انه قال:
مر أمير النواب المستكفي بالله أسامة النجيفي والخليفة المعز لدين الله نوري المالكي يتجولان في ضواحي بغداد، حيث بساتين اللطيفية والمحمودية، ومعهما حاجب المالكي الدارخ كتاب الله حميد معلّة، وبينما هم على فراسهم، نظروا إلى أمرأةٍ كانت تغسل الأثواب على النهر، وهي تنشد:
إن لله كراماتٌ على..
عبدهِ يوم انتخبنا المالكي..
انَّ خيعونَ الذي راح اشتكى..
ردّ حقُ كل من ذا يشتكي..
فضحك المالكي... ثم أكملت المرأة:
وإلى الخضراء رحتُ أشتكيه..
ما كفى لغسل ثوبي التايتُ..
حصةُ البطاقةِ منقوصةً..
هذا شهري.. كما الشهرُ الفائتُ..
فنظر المالكي إلى النجيفي، وعديا بفرسيهما نحو المرأة، فترجل المالكي من فرسه وقال لها: ما لكِ والمالكي؟ قالت: إنّه لمّا أراد أن يأمن عقاب الله، ألَم يتفكر في الحصة التموينية ونقصها؟ قال: يجب عليه ذلك، قالت: فأين هومن ثوبي الذي لم تَزَل عنه البقع لنقص التايت؟ قال: أوعلمتي من تحدثين؟ قالت: لا.. قال:إنني المعز لدين الله نوري المالكي، فصكّت وجهها صكةً فطك خشمها دماً، وقالت: المعذرة يا أمير المؤمنين، قال: أين وكيل حصتكم؟ قالت سأدلّكم عليه.
ولما وصلوا الدكان خرج الوكيل، فقال له المالكي وقد عرّفه بنفسه: أين باقي التايت يا رجل الحصة؟ قال: يا مولاي اننا نطبخ من أجل المواكب، فنأخذ بعض تايت الرعية لنغسل به القدور بعد الطبخ، فهوثواب لهم ولنا، فثار الدم في وجه المالكي واستشاط غيظا حتى شُمّت منه ريحة عطاب، ثم صاح حاجبه حميد معلّة وقال له: أكتب ما سأمليه عليك واعمل له تحديد الكل وانشره في كل الأقاليم: أما بعد، فإن الله طِيبٌ، ولا يرضى إلا طيباً، فمن شقَّ عليهِ طبخٌ أوغسلٌ أومشيٌ فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وإنه أعلم بما في الصدور، وإن من نقّص حصةً أوقطع طريقاً أوعرقل رزقاً أو أربك حالاً من أجل موكبٍ أوزيارةٍ فليس بيني وبينه إلا أن يتوب، أو إنني محاسبكم حسابا لا ترون ولا تسمعون بمثله.
ثم أمر رجل الحصة بأن يغسل ثوب المرأة من تايته وبيده، فلما بدأ بذلك قال له المالكي:
جعلتُك تغسل ثوب من قد سرقتَها..
كي من عذاب الله تبقى تحتمي..
ولتشعرنَّ بتعبِ (نانسي) عندما..
غسَلَت بطشتِ الثوبَ.. بنتِ العجرمِ..
فبدأ صاحب الحصة يشكو الغسيل ويتأوه، فلما رأى المستكفي أسامة النجيفي منهُ ذلك أنشد قائلاً:
إن كنتَ صحتَ الـ(آه) من غسلِ ثوبها...
وشكوت فركَ الثوب نشراً ورصفا..
فإن التي غسلت قُبيلَك قد شَكَت..
من مَغسَل الاثواب (آهاً) ونصفا.
وقصد بذلك الجارية نانسي عجرم، ثم رجع المُعِزّ المالكي والمستكفي النجيفي إلى قصر الخلافة، ونأما هنيئا بعد إنصافهما صاحبة الاثواب، ورعية التموينية.
لبديع الزمان
#رسلي_المالكي
___________________________________________
معلومات إضافية
- عودة: العودة الى مقالات رسلي
اترك تعليقا
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.