في انتخاب نوري المالكي لولايةٍ ثانية
عن حطامة ابن الأغبر انه قال:
لما انتهت ولاية الخليفة المعز لدين الله نوري المالكي كان لابد من مبايعة أحد أقطاب الحكم آنذاك.. وكان الناس لا يعرفون غير أربعة من المبشرين بالجنة، هم المعز لدين الله نوري المالكي والمعتصم بأمر الله جلال الطالباني والواثق بدين الله أياد علاوي والقائم بأمر الله صالح المطلك..
فاجتمعوا في حجرة من حجر قصر السجود، وهوقصر بناه الرعية لولاتهم تثمينا لعدلهم، فجلس الأربعة يفترشون الأرض، وبينما هم كذلك كان الرعية قد جائوا من أرض العراق من كل حدب وصوب، ينتظرون من سيتولى عليهم، وهم يطوقون القصر من كل ناحية.
فلما صار وقت الاختيار.. تحدث المالكي، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: انني وقد حكمت أربع سنين، فلست أدري ان كنت قد أغضبت ربي يوما أوظلمت أحد رعيتي نقيرا، فلست بمحتملٍ أربع سنين اخرى، فاعصبوها برأسي وقولوا جبن المالكي ولا تولوني، فانني لا أريد الحكم ولا المنصب، وان بلادا فيها مثل أياد علاوي أولى بأن يحكمها هو، فهوعادل محنك، وناصحٌ مؤمّن، فلا أبقإني الله في بلاد فيها مثلك يا أياد علاوي.. فبكى علاوي لما سمع.. ولما فرغ من بكاءه قال: يانوري، قد أعزنا الله بك أربع سنين فهل لا حكمتنا أربع أاخر؟
فرد جلال طالباني: أما والله قد قرت بكم عيناي، لكنني أدعوكم إلى ان لا تختاروني، فلولا المطلك لهلك الطالباني، وإني اخترتك يا صالح فإنما هي أربع سنين أحكم بها واري الناس عدلك..
فنهض المطلك واتكأ على إحدى حوائط الحجره، وثغب ثغبةً سقطت منها إحدى لالات القصر، واجهش الأربع ة بالبكاء، كل منهم يدفع الحكم عن نفسه ويؤثر أخاه عليها.
فقال المالكي بعد أن فرغ من البكاء: ماتقولون في ان نحكّم أول المارين بالقصر بالأمر ونرى ما يقول؟ فرضي الجميع..
فمرت جاريةٌ في حديقة القصر فنادوها فجائت.. فقال علاوي: من ترينه اعدلنا لحكم أمر الرعية؟ قالت: من كان للناس نكتة، ولأيديهم سبحة، وبكلأمه كحة، وبزعله كثيرا..
فعلموا انها قصدت بالأولى الطالباني.. وبالثانية المالكي.. وبالثالثة علاوي.. وبالرابعة المطلك فأجهشوا جميعا بالبكاء حتى أغشي على الطالباني فنقلوه لابن سينا..
ولما أفاق وعاد منها قال المالكي: سأحكم أنا حفظا لصحة اخي الطالباني.. كي أرد عنكم شرها.. فحمدوا الله وفرحوا.. وبايعوا أبي إسراء على السمع والطاعة.. وصلوا صلاة الجماعة.. وولي أبي إسراء ولاية اخرى.. واحتفل الرعية.. فكانت أربع سنين من العدل والإنصاف مالا عينٌ رأت ولا اذن سمعت..ولا خطر ببال بشر.
لبديع الزمان
#رسلي_المالكي
___________________________________________
معلومات إضافية
- عودة: العودة الى مقالات رسلي
اترك تعليقا
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.