في التحذير من الشرك بالله بداعي عبادته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ..
أما بعد..
فقد كتب الله للتاريخ إعادةً و دورة، وله في قلوب أولي الألباب قولاً وصورة، وإن ما ترونه اليوم لحَدَث من قبل ما هو على شاكلته، حين نزع الله عقول أهل زمانهم من قبل، فصاروا إلى ما صار إليه الناس كما ترونهم اليوم، فهم كالأنعامِ بل أضلُ سبيلا.
فإن قوماً نُهبوا وقُتلوا وسُرِقوا ومُثِّلَ بهم فعانوا وقاسوا بالأمس، فتبعوا من أذاقوهم سوء العذاب، حباً وطمعا، هم كمن ترونهم اليوم وقد تبعوا أسبابَ بلائهم، وشرّ عقابِهم، حتى عمّت شرور التابعِ والمتبوعِ على البلاد، وحطمت حيوانَ العباد، فكَدُر الماء، وتفشى الغوغاء، وعلت قيعة القومِ على أعاليها.
وإنَّ من أشرّ الشرور التي نراها أن قوماً صاروا يدعون الناس إلى الشرك بالله حباً بخلقه، بل هُم أشرُ الخلق، حينَ صاروا يُزينون للعامةِ أن النجاةَ من غضب الله هو بالإشراكِ به، فترى الرجلَ على منبرهِ يُزينُ لأتباعهِ كيف أن الشرك به تعالى لهوَ المنجاة، وأن عبادة مَن هو من خلقهِ لهو المرساة، وإن سألتهم قالوا: إنما ليقربنا حُبُّ فلانٌ من الله زلفى، حتى كأنّ محمداً النبي لم يُبعَث، وكأن قرآنَهُ لم يُنزّل، فبئس المنبر وصاحبه، وبئس الجالسُ أمامه، وإن كان حبُ فلانٍ يبعدُ الناسَ عن التوحيد باللهِ فإن غضب الله الذي ترونه ليسَ سوى عقابه، وإن الآخرة لأشد عقابا.
أيها الناس، من انشغل عن معرفة الله بمعرفة غيرهِ فقد كفر، ومن كفر بالله فقد كفر بنبيه، ومن كفر بنبيه فقد كفر بسنته، ومن كفر بسنته فقد كفر بآلِ بيته، فلا يزيننَّ لكم المنافقين الكفرَ على أنه إيمان، ولا يرونَكم الشر على أنه خير، وإن من شرطة الساعة أن يمسي الرجلُ مؤمناً ويصبحُ كافراً، فلا تكوننّ من هؤلاء، وحكّموا عقولكم بمعرفة الله وحبله، واجتناب الشرك وحبله، فإنني والله لأجنبكم أن تهوون إلى سقر، وما أدراكم ما سقر، لا تبقي ولا تذر، لواحةٌ للبشر، عليها تسعةَ عشر.
إلّا أن حُب المال قد أغشى البصيرة، وصار من أفسد حياة الناس يجمعهم وراءه بالكذب والشركِ والنفاق حتى يُحقق بهم مآربه، وإنه غيرُ مُلام، وإن من يلامُ لهو التابعُ الساكنُ في أقذر الزرائب، والشاربِ من قذى المشارب، والآكلِ من فضائل الموائد، والنائمُ بين أشرّ المصائب، فزَينّ لهم الكُفر على أنه إيمانٌ ليتبعوه، وسهّل عليهم شأنُ دينهم حتى يستسهلوا السيرَ وراءه، حتى بلغ بالناس أن يعبدوا سوى اللهِ إرضاءً لسيدهم، ذلك الذي ينعم بخيراتهم، ويجمع ثرواتهم، وييقودهم من هلاكٍ إلى هلاك.
ألا أن حبلَ الله واضح، وإن حبل الشركِ واضح، وأن محمداً بُعِث لكلمةٍ واحدة: أن لا إلهَ إلا الله، وأنه عبدهُ ورسوله، فمن زاد على الإلهِ إلهاً، وعلى الدينِ ديناً، فقد ضل ضلالاً بعيدا.
أيها الناس، من كانَ يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليؤدِ أمانته، وليدفعَ الحقَ لأهلِه، وليتصدق بغية وجه الله، وليعرف حدود اللهِ ولا يضيّعها، وليتحلَّ بخُلقٍ حسن، وليذكر قول القدير: "يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حملٍ حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد"..
أقولُ قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وليس بيني وبينكم إلا تذكيركم بما جاء في رسالة نبيكم، والله أعلمُ حيثُ يجعلُ رسالته.
والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته.
#رسلي_المالكي
___________________________________________
معلومات إضافية
- عودة: العودة الى مقالات رسلي
اترك تعليقا
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.