في زيارة العبد الصالح لحطامة ابن الأغبر
في أحد أيام حكم المعز لدين الله نوري المالكي، مر أحد اقارب الشاعر البغدادي حطامة بن الأغبر إلى بغداد قادما من بلاد الروم، فنزل عند صاحبه حطامة فتلقاه الاخر بحفاوة الكرم العراقي، فقد كان ابن الأغبر كريما للغاية، فلما أصبح صباح يومهم التالي، طلب صديق ابن الأغبر منه ان ياخذه بجولةٍ في بغداد، وكان اسم ذلك الرجل هو عوانة بن لحاظة بن بؤبؤ الاشعث، و المعروف بعوانة بن الاشعث، وكان شاعرا مثل صاحبه حطامة.
فلما طلب عوانة من حطامة ان ياخذه بجولةٍ ببغداد لم يوافق حطامة، وقال لعوانة: يا رجل، انك جئت من بلاد الروم، بلاد النظام و القانون، و الهدوء و السكون، و الشورتات و الفيزون، و الحشيش و الافيون، وأننا هنا لسنا بمثلكم، فانك لن تستطيع معي صبرا.
فأصر عوانة على جولة في بغداد مها كان الامر، وقال لحطامة انه سيكون صبورا في كل شئ.
فخرجوا إلى الشارع و كان موسم الانتخابات قد بدا، و قد ملات الوجوه الشوارع ملصقةً و معلقةً، ملونةً ومنمقةً، فلما اقتربوا من احداها سحب حطامة صورة المرشح فشقها، وكان المرشح قد كتب فيها: انتخبوا مرشحكم، الخادم الذليل و العامل الاصيل غاسل ابواب بيوتكم و ماسح روال اطفالكم، النظيف بن الامين بن العفيف بن الشريف.
فلما شقها، غضب عوانة مما رآه، وقال: يا حطامة، ان الانتخاب حق، و الترشيح حق، وما حكمنا أوباما في بلاد الروم لولا أن عرفناه من صورهِ فانتخبناه.
فقال حطامة: ألم أقل لك انك لن تستطيع معي صبرا ؟؟؟ فسكت عوانة.
فتركاها و مشيا، ثم وهما يمشيان، رأيا بغلةً حكومية، ولم يكن بقربها احد، و كان رقمها حكومي ازرق، فتلفت حطامة، واستل خنجره و طعنها فنزفت وماتت، فغضب عوانة جل غيظه و قال: يا حطامة، لم قتلتها وهي ملك حكومي ؟؟ قال حطامة: ألم أقل لك انك لن تستطيع معي صبرا ؟؟ فسكت عوانة.
ثم وصلا إلى مسجد، فأغلق حطامة بابه و وضع فيه قفلا و هم بالذهاب عنه، فصاح عوانة: يا حطامة، إنما هو بيت من بيوت الله فلم اغلقته ؟ فقال حطامة: الم أقل لك انك لن تستطيع معي صبرا ؟؟ امض معي إلى الدار فاعلمك لما قمت بذلك كله.
فلما وصلوا الدار، صاح حطامة على زوجته وهي المكرودة بنت المظلوم المعروفه بـ(جور الزمان )، وقال لها: يا مكرودة، الي باستكانين جاي.
فلما جائت بهما قال حطامة لعوانة: أولا، نعلة عله والدي اللي يطلعك بعد، فإنما انت دنغوز، وثانيا: لعلي ان شرحت لك فهمت ما فعلته فعرفت القصد منه.
فخاطا جاييهما، قال حطامة: فإنما أنا شققت صورة المرشح، فذلك لأنه سرق رواتب الرعاية الاجتماعية في الدورة السابقة، وجاء يحسن صورته و يتملق الناس كي يسرقهم مرة ثانية.
وبينما هو يدير الشاي في الصحن أكمل قائلا: وأما البغلة التي قتلتها، فهي من بغال الدولة ،استغلها من هم فيها ليحملوا عليها دعاياتهم فيعلقوها في الشوارع، فهي بذلك لم تعد ملك العامة وانما ملك الولاة و المرشحين.
ثم صاح ابن الأغبر على زوجته المكرودة: صبيلنه جاي لاخ..
واكمل: و أما انني قفلت باب المسجد و أغلقته فلأن الخطيب فيه لا يحدث الناس الا ليحثهم على انتخاب من يريد و يمسخ عقولهم فينتخبون من لا يريدون سوى أنهم سمعوا الشيخ قد حثهم على ذلك.. أفهمت الان ؟
قال عوانة:
لو كان في بلدي مهازلَ مثلما..
عند العراق وجائني التصويتُ...
لطردتُ كل مرشحٍ.. و مشرشحٍ..
وكل كيانٍ سارقٍ بالـ"فيتو "!
فرد حطامة:
نم يا عوانةَ ان شعبي جاهلٌ..
خلفَ العمائمِ راكضٌ و المالِ..
هم يسرقوهُ بليلةٍ.. و بصبحها..
يختارهم، بفضاضةِ الجُهّالِ..
نم يا عوانةَ، نوم شعبي النائمُ..
طابوكةٌ نامت على العُقّالِ..
فمضى قوله عن الطابوكة مثلا، و لازال العقلاء من اهل العراق تنام عليهم....... الطابوكة !!
لبديع الزمان
#رسلي_المالكي
___________________________________________
معلومات إضافية
- عودة: العودة الى مقالات رسلي
اترك تعليقا
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.