رجال اليوم، همج الأمس

قيم هذه المقالة
(0 تقييمات)
Print Friendly, PDF & Email

 

 

لا زلنا نحن الرجال نحتفظ ببداياتنا البربرية الطبيعية.

قبل آلاف السنين، كنا محاربين، ننضم إلى عصبة من أشباهنا الرجال لنصيد الحيوانات ونواجه أعداء القبيلة بشراسة ونتعامل بفظاظة وخشونة وقسوة، كنا نشعر بالنشوة من اغتنام امرأة لا يحصل عليها غيرنا، سواءً بإقناعها واجتذابها لما فينا من قوة، أو بغصبها على القبول بنا.

مر الزمان ولا زلنا نحمل شيئاً من روحنا الرجالية القديمة، فترانا نشعر بالغضب إذا فوّت فريقنا المفضل فرصة التهديف، ونضرب الكرسي إن خسرنا في لعبة إلكترونية، ونشعر بغامر النشوة إذا فزنا برياضة معينة، هذه روحنا المتوهجة منذ القِدَم، ولمّا لم يعد هناك صيد أو قتال قبائل اليوم، نلجأ لأي مكانٍ نشعر فيه بالوهج والصراخ والغضب والاحتفال والانتماء للمجموعة، حتى إن كانت تلك المجموعة مشجعي فريق رياضي.

إننا اليوم نحاول التفوق على بعضنا بما نجنيه من المال، كما حاولنا أن نتفوق على بعضنا في القِدَم بمن يصطاد غزلاناً أكثر، ونحاول أن نتسابق بمن يظهر بأفضل مظهرٍ وأعلى ذكاء، تلك الروح القديمة هي التي تدفعنا للتفوق والصراع، نحن نفتعل المنافسة على أتفه الأشياء وأصعبها ولا ندري لماذا، لكن الحقيقة هي: تركيبتنا التي لا تزال تحتفظ بتلك الخشونة والقوة، والتي تدق لنا جرس الخطر حين يتم التفوق علينا، فالصوت الداخلي يقول:

لم تصطد شيئاً اليوم، لذا لن ترض بك فتاة من نساء القبيلة، وبالتالي لن تمرر جيناتك لإبناءٍ وأحفاد، أي: ستنقرض.

إننا نعبّر عن روح المصارع والمجالد والصياد التي تجذرت فينا منذ آلاف السنين اليوم بمختلف الطرق، بروح الجماعة، بحب التفوق بأية وسيلة سيئة أو إيجابية، نحن نفجر طاقتنا بالغناء، والصراخ، والرياضة، والكتابة، والغناء، والفظاظة أحياناً، بل ونعمد أحياناً لترك لحايانا تطول وشعرنا يكث، نحب أن نتحدث بصوتٍ عال في بعض الأماكن، و لا نهتم لدهس حيوانٍ عندما نقود سيارة، فهرموننا الذكوري يمنعنا من التعاطف عندما يكون بمستواه العالي الطبيعي.

حتى إهمالنا لصحتنا أحياناً هي جزء من الشعور بأننا أولئك الذين كانوا يحتملون الجراح بعد كل معركة، إننا نحب قسمات وجوهنا القاسية وملامحنا الحادة، نشعر بأنها تمنحنا هيبة المصارعين لكن بطريقة معاصرة، نعم تطورنا لنرتدي ملابسنا بأناقة، ونتعامل بهدوء كحضريين معاصرين، لكن روح الرجال الأوائل فينا ننتظر أقرب فرصة لتظهر.

أنعم وأكرم بالرجال المتبقين، في عصر الميوعة والدلع.

 

#رسلي_المالكي

___________________________________________

القراءات 34 مرة

اترك تعليقا

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.

Image

للتحدث معنـا

عـدد الـزيارات

مجموع الزيارات للمــوقع 78645

حاليا يوجد 4 guests ضيوف على الموقع

Kubik-Rubik Joomla! Extensions