عندما دخل الامريكان للعراق، لا أعاد الله أيامهم، دارت تساؤلات عديدة في أذهان العراقيين، وتسائلوا: كيف يمكن للجندي الأمريكي القادم من بلاد باردة (يعتقدون إن كل أمريكا باردة) أن يحتمل حر العراق؟ خصوصاً وإنه يرتدي درعاً سميكاً والعديد من المعدات والأسلحة والأعتدة؟
لم يجد العراقي جواباً، فبدأ يطرح الأجوبة!!
الجواب الأول: إن في درع الجندي الأمريكي مكيف هواء!!
أما الجواب الثاني فكان: إن للأمريكان (حبة) عجيبة، يضعونها في الماء فيتجمد!! أقسم أحدهم ذات يوم إنه رآها تجمد المياه بأم عينه..
فيما كان الجواب الثالث: إن عجلة الهمر، وطائرات الهليكوبتر، جميعها مكيفة تكييفاً (يفطر الراس)!!
كانت الأخبار العجيبة تحوم حول معدات الجنود الأمريكان، أو (أخوة ماريا) كما أسماهم البعض حينها، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل شاع حينها إن الناس رأوا الأمريكان يسرقون (الزئبق الأحمر) من الأهوار بالأطنان، وإن سعر السنتمتر المكعب من هذا الزئبق يبلغ ملايين الدولارات، وللعلم والاطلاع فإن تعريف الزئبق الأحمر حتى الآن هو:
"مادة ذات تركيبة غير مؤكدة ذاع صيتها منذ عقد الثمانينيات من القرن العشرين بسبب المزاعم الكثيرة التي راجت حول استخداماتها الكثيرة في صناعة عدد من الأسلحة المختلفة غير ذات العلاقة ببعضها البعض".
لم تتوقف حكايا العراقيين إلى هنا، فقد شاع قبل الحرب بأيام بأن هناك قمر صناعي أمريكي في الفضاء بإمكانه قراءة الرقم الملصق بقميص المرء والدال على حجم القميص!!
تخيل أن قمراً صناعياً يستطيع أن يصور رقم قميصك وهو خلف رقبتك، ويرى إن كان قميصك قد صنع في الصين أو في معمل الغزل والنسيج العراقي!!
وهكذا، وكحكايا "الطنطل" و "السعلوة"، راح العراقيون ينسجون الحكايا والقصص حول غزاتهم، حتى أثبتت الأيام أن أياً مماسبق لم يكن موجوداً أبداً.
ومن هنا، نعرف حجم الزيف الهائل المعروض في كتب الروحانيات الدينية، الأساطير والمعجزات التي ألصقت بالأنبياء والصالحين وصارت كتباً ومراجع تُدرّس في الجامعات الدينية والحوزات العلمية، فخيال العراقيين جامح منذ أيام السومريين والبابليين والأكديين والآشوريين، عندما كانوا ينسجون القصص عن الآلهة وهي في السماء، كقصة حب عشتار لكلكامش ورفضه لها، وقصة الإله شمش الذي أعطى الشريعة للملك حمورابي يداً ليد، وقصة سفينة أوتونابشتم والطوفان وغيرها.
بل أني أكاد أجزم، إننا ممنوعون من التنقيب في آثار بلادنا، لأن ذلك قد يعرض الديانات لخطر التشكيك، فكل قصة جاءت فيها قد تكون مروية أولاً على لسان عجوزٍ سومري لأولادِ أور الصغار!!
#رسلي_المالكي