في لقاء حطامة بالكاظمي
ويحكى أن حطامة ابن الأغبر:
لما رأى ماكان من الصاعد بصدفة الله مصطفى الكاظمي من تهاون وتراخ، وطأطأةٍ ونواخ، ركب بغلته (ضيومة) وراح إلى المنطقة الخضراء، فولج بها على دار رئيس الوزراء، ولما دخل داره رآه وهو جالسٌ على عرشه، فيما كان وميضُ القُمرةِ يسطعُ فوق كرسيهِ وفرشه، فقد كان رجلٌ يقالُ له (بنجويني) يطقطق له اللوحات، ويوجهه لأخذ البوزات.
فصاح به: أي كاظمي.
فالتفت الأخير ففسدت لوحته، وأمر بنجويني بمغادرة البلاط، ثم قال لابن الأغبر: ماجاءَ بك؟
فقال حطامة:
تصدُ إذا ما الناس بالقولِ أكثروا..
عليكَ وتجري بالخفاءِ الرسائلُ..
فإن سكنَت (تشرين) عُدتَ لوصلِهم..
وعاد التصافي بينكم والتراسلُ..
فيا أغبراً قد سوّد القصفُ وجههُ..
وإذ هي تغشي الناس غدراً قنابلُ..
عشيةَ قلتَ مُخادعاً (سأجيبُهُم)..
خداعي بما قد قلتَ فيها تحاولُ..¹
فقال الكاظمي: بل سأجيبهم، وأقدمهم للعدالة وسترى..
فاقترب ابن الأغبر ببغلته من الكاظمي وهو على عرشه، فبالع الرجلُ ريقه خشية حطامة الذي قال له:
أوتريدُ أن ترى العدالة ياكاظمي؟
فقال الكاظمي: أما فبلى.
فأدار حطامة بغلته، وأعطى له دبرها، ثم لزّها فرفست الكاظمي بسدره*، وقلبته بعرشه على ظهره، وفيما كان يلتقط أنفاسه، قال له حطامة من فوق بغلته:
صبرنا ناظرينَ مجىءَ عدلٍ..
فجئتَ وكنتَ ظلماً للفقيرِ..
لذا فالله أحياناً يرى أن..
يكونَ العدلُ رفساً بالحميرِ..
فتركه هكذا هامّاً بالخروج، إلا أن الكاظمي ناداه بصوتٍ متحشرج، ولما لباه حطامة قال له:
يا حطامة، هل أتاكَ حديثُ بنجويني؟
فهز حطامة يده، ومضى.
أبيات عنترة، بتصرف.
لبديع الزمان
#رسلي_المالكي
___________________________________________
معلومات إضافية
- عودة: العودة الى مقالات رسلي
اترك تعليقا
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.