في خروج العراق من البند السابع
عن حطامة ابن الأغبر انه قال:
لم يكن عوانة ابن الأشعث يرغب الزواج يوما، بسبب عسر الحال وصعوبة العمل والمنال، حتى سمع بقرار مجلس الروم إخراج العراق من الفصل السابع.
فتهلل وجهه للقادم من الخير، وفرح فرحا أطارهُ كالطير، وعلم بأن الخير مقبل، والفقر مدبر، فقرر الزواج من ابنة عمه المطحونة بنت المكروب، إلا انه أراد استشارة صديقه حطامة ابن الأغبر الأكبر سنا في الزواج، ليعلمه خيرهُ من شره، فكتب إليه طالبا نصائحه عنه.
ولما ورد الرد من حطامة جاء فيه:
"من حطامة ابن الأغبر إلى عوانة ابن الأشعث، أما بعد، فقد وردني منك ما هي لا قليلةٌ ولا زائدة، وما تطمئنُّ له الافئدة، من إنك يا عوانة قد قررت الخطوبة والزواج، وياليت ازمتك إلى انفراج، فاحفظ مني ما ان حفظته فلن تظل بعدي ابدا..
فاحفظ زوجك حفظ الماء في الثلاجة، وأرحها اراحة الديك للدجاجة، ولا تضربها إلا في ثلاث: إذا لعبتم شرطة حرامية، وإذا قالت انها ذاهبة لصليخ وهي ذاهبة للاعظمية، وإذا افتعلت فتنة طائفية، فأول الزواج فزعة، وآخرهُ أولادٌ تسعة، وان الدهر يومان: يومٌ في العمل ويومٌ في الفِراش، فيوم الفِراش تحنُّ للعمل، ويوم العمل تحنُّ للفِراش، وقف من أمك وزوجك على مسافةٍ واحدة، فإن بغت احداهما على الاخرى فقاتل التي تبغي، واعلم، ان لرفع البند السابع خير عميم، وصبحٌ مقيم، يملا جيبك بالدولار، فلتشكرنَّ المالكي وهوشيار، في العشي والأسحار.
فلأن حفظت مني ما قلت، لن تظل بعدي ابدا.. ولن ترى نكدا، والسلام".
ففرح عوانة ابن الأشعث لما جاء به حطامة ابن الأغبر من الوصايا، فخطب وتزوج أملاً ان يحسن الحال رفع الفصل السابع عن بلاد المسلمين.
وبعد عشر سنين، لم يختلف الحال، فشابت الافئدة وباضت القذال، فقرر عوانة البزعان، لقاء الأمير السلطان، الأمر النهيان، المعز لدين الله نوري المالكي خليفة المسلمين.
ولما ولج عليه وقد وجده متكاً على عصاه، محتبيا على بساطه في فناه، فالقى السلام، وجلس إليه في المقام.
فقال عوانة:
أنا الشاكي، أنا الباكي أنا الحساس..
أنا من اتاه الضيم، عند الكراسي..
أنا من اشاب القهر من بأسه الرأس..
أنا من إذا ه الـ"بند".. وزاد المآسي..
فقال المالكي: وما تريد؟
قال عوانة: بيتٌ وبغلة، ومصروفٌ تقرُّ به العين والمقلة، لي طفلٌ وطفلة، ما عرفوا (ويني) ولا (فكلة)، وما ذاقوا السريلاك ولا النيدو، وما لففتهم بحفاظة تيمو، أفبهذا رفعت البنود؟ وانزاحت الغمة والقيود؟
قال المالكي: فانتظر يوم ترفع السماء عنا بندها.
فغضب عوانة وقال:
إنما انتم السياسيين يد الله التي يذيق بها العباد عقابه..
وخرج منشدا..
فصل سابع عليه انزاح وانته ولا فلس منك..
ونيني بالـ(أمم) اثر ولك وانته ولا جنك..
فرفع المالكي يده ليأمر بالقبض على عوانة الخارج من قصر الخضراء، لكن الخاضع لأمر الله هوشيار زيباري قاطعه والجاً إلى الحجرة، مخبرا إياه ان مجلس شورى الروم أعاد العراق للفصل السابع.
فقال المالكي لزيباري:
قل للأمينِ،لـ(بان كي مون) موبّخاً..
أوقد غدرتَ وقد عُرِفتَ أمينا..
فشّلتنا عند الشعوبِ.. سُلَيمةً..
طمّتك، صخمت الوجوهِ لدينا..
وعاد العراق لفصله السابع بتصويت سبعين أمةً عليه، وخلفت المطحونة بنت المكروب سبعاً، وعاشت سبعين سنة، ومات ابن الأشعث عن عمر سبعةٍ وسبعين، وحكم المعز المالكي سبعاً أخرى، خلفه بها سبع من خلفاء بني الخضراء.
وقيل أن عوانة ابن الأشعث لما حضره الموت كان يتمتم:
سبع موتات أموتن لك...وارد حي !!
لبديع الزمان
#رسلي_المالكي
___________________________________________
معلومات إضافية
- عودة: العودة الى مقالات رسلي
اترك تعليقا
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.