في استيراد القشور من السلوكيات الشاذة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ..
أما بعد..
فإنَّ قيماً وثوابتَ ربينا عليها، وربى من ربانا عليها، قد اضمحلت من أن تُرى أيامنا هذه، فلم تعد أساسَ عيشنا يومئذ، حتى ترى الناس قد ضاعت بين مبادىءَ شتى، وثوابت عديدة، وكلها ممسوخةٌ لا تعرف سوءتها من محاسنها.
لقد استوردنا التصرف والسلوك استيرادا، وتبعنا خطوات غيرنا من الناس اتباعا، حتى لو دخل الرجلُ منهم جُحر ضبٍّ لدخلناه ورائهم، وكأننا من أمةٍ لا أخلاق لها فاحتاجت أن تتخلق بأخلاقِ غيرها، وكأننا من قومٍ بلا ماضٍ فاستوردوا حاضرهم من غيرهم، فإنّي رأيتُ تشبّهاً بالقشور، وتمثّلاً بالمحظور، مما يقيّح الجرح، ويسم البدن..
لقد جاء بعض الناس بأسوأ مالدى غيرهم فعاشوه، وهماً وضياعاً وسرابا، فقد رأيت دموعَ فتياتٍ على صبيةٍ متشبهين بأردأ ما يمكنُ للمرءِ أن يتشبه به، ورأيتُ صبيةً نسخوا ضياع غيرهم وعاشوه حتى لا تعرف أحدهم من أي البلادِ هو، أيامهم ضياع، وأهدافهم سراب، فلو كان ذلك مما يُمتع ولا يضرُ فلا ضير، لكنّ مما وردوه فيما وردوا لسوءة للأخلاق، ومفسدةٌ للأذهان، وذمٌ للإرث، وضياعٌ للعرف..
إني سمعتُ صبياً سبّ كبيراً ولم يوقّره يعزي ذلك إلى أنه لا يحترم الكبار، وعندما سألته عن هذا قال: أفأحترمُ الرجل لأن أمه وأباه قد خلفاه قبل أن يُخلّفني أمي وأبي ببضعِ سنين؟ فانظروا كيف انحطّ الجيل، وسقمت النفوس، وكيف زُين المذموم، ورُفع الممدوح، بعد أن فسدت الأخلاق، وشاع النفاق..
أيها الناس، انظروا أبنائكم، وعلموهم مكارم الأخلاق، واخبروهم أنهم قومهم ورثوا من الخُلقِ أحسنه، ومن الأدب أفضله، ومن المبدأ خيره، ومن الثابتِ أجلّه، وأن ليس منا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا، وإن للعربِ من الأقوام منزلة، وللمعتصمين بحبل الله في الناس رفعة، فلا ينسخنّ تمطّي غيرهم، وميوعةَ سواهم، وضياع من ضاعَ، من سقط المتاع، فبهذا تضيع الأقوام، وتغرقُ البلدان..
وربوا بناتكم على خيرٍ ضعفَ ماتربون الصبية، فالصبيُ قد يعش لنفسه ورزقه، لكن الفتاة حين تكونُ أما فهي تعيشُ لأولادها، بيتاً ومرآةً وتربيةً، فيتأثرون بها، وهي خيرةُ الرصيد، ونعمَ الخزين، فإن صلحت صلحوا، وإن فسدت فسدوا.
الحمدُ لله الذي أعاننا على قول هذا في زمن المراءاة والنفاق، وقوانا لقول كلمة الحق بوجه من كان ردّ فلا يردُ إلا بسوء التربيةِ والأخلاق، بلغناكم ما بخاطرنا، وما على الرسولِ إلا البلاغ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
#رسلي_المالكي
___________________________________________
معلومات إضافية
- عودة: العودة الى مقالات رسلي
اترك تعليقا
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.