لاتمت، وانت لم تقرأ قصيدة المواكب لجبران بعد، ولا وانت لم تسمع السمفونية التاسعة لبيتهوفن، ولا وانت لم تقرا مائة عام من العزلة لماركيز ..
لاتمت وانت لم تسمع فيروز باغنية (بكتب اسمك) قبل التاسعة صباحا ولو لمرة في حياتك، لاتمت وانت لم تقرأ القصيدة المتوحشة لنزار قباني، لاتمت وانت لم تشاهد هدف يونس محمود الحاسم في اسياد اسيا 2007، ولا وانت لم تقرأ رباعيات الخيام ..
لا تمت وانت لم تسمع الف ليلة وليلة لام كلثوم بعد منتصف الليل لوحدك، لاتمت وانت لم تدعُ فتاة الى فنجان قهوة في مقهى هادئ وان كانت مجرد صديقة، لاتمت وانت لم تجرب قبلة على الجبين من عجوز عراقية وهي تكيل لك سيلا من الدعوات الخالصة ..
لا تمت وانت لم تذق مرارة قهوة الريف، لا تمت وانت لم تزر مسجدا او ضريحا او كنيسة وان كنت ملحدا، لاتمت وانت لم تضحك من الاعماق ولو مرة في حياتك ..
لاتمت وانت لم تتسائل يوما عن اصل الكون، ولا وانت لم توغل في تساؤلاتك حول حقيقة الله، ولا وانت لم تصل لدرجة الجنون وانت تبحث عن حقيقة اصل الانسان على الارض ..
لاتمت وانت لم تدرك بعد ماذا يعني حضن العشيقة، او عمق البئر الذي ستحفره ذاتك في ذاتها عند فراق محب، لاتمت وانت لم تعشق بكل روحك وكيانك .. حد الصراخ دافنا صوتك في مخدة ..
لا تمت وانت لم تذق طعم الالم، فبه ستعرف معنى الارتياح، لا تمت وانت لم تجرب الوداع، فبه ستعرف معنى اللقاء، ولا وانت لم تجرب طعم التعب، فبه ستعرف معنى الراحة.
لا تمت وانت لم تقد سيارتك ليلا بلا وجهة، ولا وانت لم تسمع وانت تقودها (حاسبينك) لفاضل عواد، لا تمت ان لم يمر على اسماعك صوت شوقية وهي تغني (ياعشكنه) .. عندما تقول :
خذني للمرواح عود .. خذني سن المنجلك ..
لاتمت ..
وانت لم تجرب كل شئ، التكنولوجيا، الرقص، النبيذ، السيكار، الخشوع، البكاء، تأنيب الضمير، الندم والفخر، السعادة والحزن، الاندفاع و التردد، الجبن و الشجاعة..
ذلك ما يجعل منك انسانا ..
فلا تمت ..
وفيك شئ لا يقال له (إنسان).
