قال حطامة بن الأغبر لصاحبه عوانة بن الاشعث وهو يعظه:

" ياعوانة، وانت تسير في شوارع العراق، انظر مقامي، واسمع كلامي:

ياعوانة: ان سرت ببغلتك فانظر خلفك، فلعل من تبعك من اولاد ام حازم، وقد اراد بك هدفا لكاتم، واقفل ابواب بغلتك، وانظر عن يسرتك ويمنتك، قبل ان تقوم لك طلابة، و يوكفوك السلابة، واذا وصلت زحاما فتخلص منه، فلعل مفخخة تشويك شي الكباب، وتترك بقاياك للهوام والكلاب، وجموع الذباب.

ولأن جلست في مقهى فلا تطيل، وعد قبل غياب شمس الاصيل، وان مرت بقربك الدراجة، فالبعد عنها حاجة، فلعل راكبها صكاك، ولعلك لمسدسه هدف صاك.

ياعوانة، وابتعد عن الجموع والاسواق، في المغيب و الاشراق، ولا تثق بأحد مما دونك او سواك، فلعل علاسك بين جنبيك، وصكاكك عند جيبيك.

ولان حانت الساعة، وطوقتك الجماعة، فكن قد اعلمت اهلك عن وصاياك، وفرقت عليهم عطاياك، فانك اليوم حي، وغدا تروح بشربة مي".

فلما فرغ ابن الأغبر، كان عوانة يبكي بكاء الحزين، ويثغب ثغيب الفاقدين، ولما فرغ من بكاءه قال له:

"ياحطامة، فمتى تحين الساعة؟ وتاتي الجماعة؟".

قال: " هو انته اصلا عايش حته تخاف تموت؟!!".

من كتاب:
فناء العقول، بيد ولد النعول

لبديع الزمان
#رسلي_المالكي

___________________________________________