فيما يلي التقرير الذي قمت بإعداده حول وضع التلوث الجوي في العراق، والمستقى من العديد من المصادر والاتصالات مع مختصين ومسؤولين سابقين في الجهات البيئية في الدولة العراقية، بالإضافة إلى مشاهدات شهود عيان وعاملين في أجهزة الدولة، ومعلومات موثقة في ملفات الجهات الرسمية، ومتابعة شاملة للوضع البيئي العراقي من ناحية جودة الهواء.
التقرير:
⚠️ أولاً: أجهزة القياس:
- في عام 2014، قامت الحكومة العراقية بشراء 74 جهاز قياس جودة الهواء، وهو عدد غير كافي أساساً لبلد بحجم ومساحة العراق، وبالرغم من ذلك، لم يتم ربط أي من هذه الأجهزة بحيث تكون (أون لاين)، وذلك بسبب الربط الخاطئ أو عدم الربط أساساً.
- أحد تلك الأجهزة تم ربطها أعلى بناية حكومية بجانب مولدة كهرباء موضوعة فوق سطح البناية، فكيف يقيس الجهاز جودة الهواء وبجانبه عادم (إكزوز) مولدة ينفث الدخان؟؟ وهو جهاز حساس جداً ولو لدخان سيجارة (لاحظ سوء التعامل مع الأجهزة).
- الجهاز الوحيد في كل بغداد حالياً الخاص بقياس جودة الهواء هو جهاز (السفارة الأمريكية)!! أي أن الدولة العراقية ليست لديها أية بيانات حول جودة الهواء، جهاز السفارة (كما موضح في الصور) هو الجهاز الوحيد الذي يعمل ومربوط أون لاين، وهو مخصص للحفاظ على سلامة العاملين في السفارة البالغ عددهم بضعة عشرات ربما، بينما الحكومات العراقية غير عابئة بسلامة 43 مليون عراقي!!
- إن مدينة مثل بغداد بحاجة إلى مئات أجهزة القياس لوحدها، بعضها نقطي (ثابت) والآخر جوال، وكل منها يعمل على قياس نوع معين من الملوثات في الجو (المواد المسرطنة – الغبار -الكبريت – الإشعاع..الخ)، وذلك من أجل الحصول على صورة كاملة لجودة الهواء، فيما لا يتوفر ببغداد أي منها عدا جهاز السفارة كما ورد أعلاه، في مدن كنيودلهي واسطنبول وغيرها من المدن الكبرى، يتم نشر العشرات وأحياناً المئات من أجهزة قياس الجودة (لاحظ الصور).
- بناءً على ما سبق، لا تملك الدولة العراقية معلومات كاملة عما يعرف بـ (عداد الوردة للرياح) أو Wind Rose Diagram، وهو عداد يحتوي العديد من الخانات التي يجب ملأها للتوصل لصورة كاملة عن جودة الهواء.
⚠️ ثانياً: عمليات البناء:
- يجب أن تقنن عمليات البناء والسماح بمنح إجازات البناء وفق الحالة الجوية، هناك مواسم لا يجوز بها البناء لأن الغبار والأتربة المتصاعدة من المشاريع ستكون أشد تأثيراً من باقي الأوقات في السنة.
- لا يجوز وضع مصانع الاسمنت في داخل المدن أياً كانت الأسباب، الآن يتم وضع العديد من مصانع الصب لإنشاء الجسور والمجسرات في داخل المدينة، وهو أمر محظور إلا بحالات خاصة شديدة الإلحاح، لذا يجب إخراج كل معامل الصب من المدن فوراً.
- عند القيام ببناء معامل أو مصانع أو محطات كهرباء أو مصافي، يجب دراسة المكان والاتجاه العام للرياح والموقع من المدن ودرجة سوء الانبعاثات والقرب من مصادر تصاعد الغبار وغيره قبل منح إجازة البناء.
- يجب هدم كل معامل الطابوق البدائية في حزام العاصمة وضواحيها فوراً وإزالتها لكونها غير مطابقة للمواصفات وتتسبب بغيوم سامة ضخمة وشديدة الخطورة.
⚠️ ثالثاً: مصفى ومحطة الدورة والزعفرانية:
- يطلق مصفى الدورة كميات ضخمة من المواد السامة بسبب عدم اكتمال عمليات احتراق الغاز المنطلق من أبراج المصفى لأسباب منها كثافة الضغط أو انقطاع الكهرباء، يفاقم ذلك عدم وجود مرشحات للدخان الناتج عن الاحتراق، وهذا يعني أن المصفى بحاجة أما إلى تجديد أو إلى نقل لمكان آخر مع تزويده بالتكنولوجيا الحديثة الصديقة للبيئة لمنع كل هذه الانبعاثات.
- في محطتي كهرباء الدورة والزعفرانية: بسب شحة الكاز والضغط الكبير على المحطتين، يتم أحياناً استخدام وقود النفط الأسود المحتوي على كل أنواع الوقود (الغاز، الكاز، البانزين..الخ)، وهذا عندما يحترق فإنه يحرر العديد من الانبعاثات السامة القاتلة (يتم إرسال ملايين الأطنان من الكاز للبنان في الوقت الذي تحتاجه هذه المحطات لإنتاج الطاقة بلا انبعاثات خطيرة كهذه)!!
- هناك محسنات تضاف للوقود ترفع كمية الطاقة الكهربائية المنتجة بنسبة تصل إلى 7% مع تقليل الانبعاثات، والحكومات العراقية بعيدة عن هذا الحل.
⚠️ رابعا: السيارات.
- في الوقت الذي تنشغل به الدولة بمتابعة الزجاج المظلل للسيارات، فإن الأجدر بها إجراء تعديلات على وضع السيارات في العراق، عن طريق جرد عدد السيارات العاملة محركاتها بالبنزين والأخرى العاملة محركاتها بالكاز، لمعرفة كميات الانبعاثات الصادرة عن كل منها ونوعها، كما يجب دراسة كمية الوقود المستهلك في كل من النوعين، وبالتالي دراسة الحل.
- كتوصية: يوصى بتسقيط السيارات العاملة بالكاز بعد 10 سنوات عن موديلها، وتسقيط العاملة بالبنزين بعد 15 سنة على موديلها.
⚠️ خامساً: الشفافية:
- لا توفر أجهزة الدولة (وزارة البيئة خصوصاً) أية معلومات حقيقية عن وضع جودة الهواء، تقرير الوزارة عبارة عن إنشاء فارغ المحتوى ولا يرقى لمستوى الكارثة، بل أن موقع الوزارة نفسه معطل بحجة كونه (تحت الصيانة) حتى ساعة اعداد هذا التقرير، كما أن كل أجهزة القياس غير مربوطة على الانترنت.
⛔️ الخلاصة:
⚠️وضع جودة الهواء في العراق عامةً وبغداد تحديدا (مدينة يقطنها 10 مليون نسمة) في وضع خطير للغاية وكارثي وسيسبب حالت وفاة بالاختناق وحالات إصابة بالسرطان على المدى القريب جداً بما سيجعل المدينة غير صالحة للعيش تماماً خصوصاً مع وجود تلوث في المياه والأطعمة والإشعاع.
⚠️ الحكومة العراقية غير جادة تماماً بمتابعة وضع جودة الهواء، محطات الكهرباء ومصفى الدورة منتهية الصلاحية وبحاجة إلى تجديد شامل، نوعية الوقود المستخدم فيها خطيرة، ليست هناك أية حلول جدية لمعالجة كثرة السيارات، المجسرات التي يجري بناؤها تفاقم أزمة التلوث ولا تحل مشكلة الازدحام، كمية الانبعاثات الصادرة من السيارات مهولة، عدم وجود أية نية لإنشاء مناطق خضراء، إقتلاع الحكومة لباقي الأشجار بحجة توسعة الطرق هو جريمة حقيقية، إزالة المناطق الخضراء لإنشاء مناطق سكنية ومشاريع استثمارية هو كارثة وجشع تسمح به الحكومة على حساب البيئة، تخصيص 10 مليار دينار لن يحل أية مشكلة طالما ليست لدى الدولة بيانات وقراءات مستمرة طيلة أشهر السنة.
- النتيجة: الحكومة العراقية الحالية والحكومات السابقة هي المذنب الأول والأخير.
- بقي أن نقول، قبل ألف سنة، وقبل شروع الخليفة (أبو جعفر المنصور) ببناء مدينة بغداد، أمر بتعليق قطع من اللحم على الأشجار في مناطق مختلفة لمعاينة أي منها سيتعفن أولاً، ثم اختار مكان إنشاء المدينة في المنطقة التي تعفن بها اللحم متأخراً، أي أنه قام بقياس جودة الهواء قبل تحديد موقع البناء.
أما اليوم، فالحكومة مستمرة بالارتجال بالعمل عشوائياَ، عندما تُصلح شأناً ما، فهي تفسد شؤوناً أخرى كثيرة!!
#رسلي_المالكي
___________________________________________