حطامة في وليمة السياسي
حدّثنا عوانة ابن الأشعث قال:
كنتُ قد دُعيتُ إلى وليمةٍ أقامها أحد السياسيين، وهو من كبار الحرامية والسارقين، وكانت حاجتي لقبولِ دعوته هو شمولُ ولدي بالتعيين، وجعلهِ من الفائزين.
وكان بين المدعوين، رجلُ تلثم بتلثام، وجلسَ عند رأس المجلس والمقام، فلما تحدث السياسي قال:
أترونَ باب بيتي الفخمِ هذا؟ ففد اشتريتُه بكذا ألف الفٍ من الدينار، وكان ثمن مقبضهِ كذا وكذا من الدولار، وحملهُ لي كذا وكذا من العُمال، ونُقل لي على ظهر كذا وكذا من الجِمال، وهو من الأبوابِ أعلاها، وبهِ من الزخارفِ أحلاها..
يقولُ عوانة: فأطنبَ بوصفه للباب، حتى إذا انتهى هزّ الرجلُ المثلمُ رأسه ولم يتكلم.
ثم قال السياسي: أترون مغسلتي هذه؟ فقد جَعلتُ صنبوها من المعدن المُذهّب، ومادتها من السيراميك المُقصّب، وزودتها بالماءِ الزلال، وأرسيتُها على القواعد الثقال، وجعلتُ صابونها من أفخر العطور، وبخّرتُ مناشفها بأجود البخور..
وأطنب يتحدثُ عن مغسلته، حتى إذا انتهى هزّ الرجلُ المُلثم رأسهُ ولم يتكلم.
ثم قال السياسي: أترونَ تلفازي هذا؟ فإنما هو من الشاش الثمين، ذو اللون الدقيقِ والمتين، وإن زجاجه من بلادِ السند والصين، وإن صورتهُ لتسرُ الناظرين، وإن صوتهُ ليملأ الأسماعَ باليقين، وإنه ليعرِض ما يقالُ لدى الكفّارِ والمؤمنين..
وأطنب يتحدثُ عن تلفازه، حتى إذا انتهى لم يتحمل الرجل الملثم الحديث، فقام من المجلس، وأماط عن وجهه اللثام، وإذا به والله شيخي #حطامة_ابن_الأغبر، فنظر للسياسي وقال:
أوَ فرَغَت؟
قال: بلى!
قال:
والله، لو ملكتَ أيفاعَ الأرضِ ووهادها، مابقيتَ إلا عتّاكاً!!
ثم أنشد يقول:
الخيرُ لا يبدو على..
بطنٍ تولّاها الفقَر..
إن لم تكُن أدبتَها..
بالعزِّ رغماً والكِبَر..
يا عفطَ عنزٍ كلما..
باهيتَ أمعنتَ الصِغَر..
ما همًّ مالُكَ مثلَنا..
إن زادَ يوماَ أو قصُر..
ثم ركبَ بغلةً لهُ كانت في الخارج، ولزّها ومضى.
لبديع الزمان
#رسلي_المالكي
___________________________________________
معلومات إضافية
- عودة: العودة الى مقالات رسلي
اترك تعليقا
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.