في الميثولوجيا الاغريقية يعتبر العالم السفلي هو العالم الآخر الذي يقع على اطراف المحيطات أو تحت أعماق الأرض والذي يعتبر النظير المظلم بالنسبة لسطوع جبل اوليمبوس، كذلك الحال بالنسبة للعالم الافتراضي في الانترنت، حيث من الممكن ايضاً ان ينقسم الى الجزء الساطع الذي نحن فيه حالياً نمارس اعمالنا الطبيعية من مشاركة صورة قهوتنا الصباحية على مواقع التواصل الاجتماعي الى شراء حاجاتنا من المتاجر الالكترونية وعرض نتاجاتنا العلمية والفنية والاجتماعية وأداء صفقاتنا التجارية. حيث يتنافس اصحاب المواقع الألكترونية الذي يفوق عددهم 1.7 مليار على محركات البحث التي تستقطب اهتمام نحو 4.5 مليار مستخدم للإنترنت. ومع ذلك، هناك جزء آخر من الويب، الجزء المظلم حيث يرغب الناشرون والزوار التنقل في مواقع الويب وإجراء المعاملات والاتفاقيات سراً. ويسمى هذا بالانترنت المظلم، أرض الخدمات المخفية، حيث يضمن عدم ترك اي آثار والحفاظ على عدم الكشف عن هوية المستخدم ولا يتم ادراج هذه المواقع او فهرستها ضمن محركات البحث أي لايمكن الوصول لها بتاتاً.

الانترنت المظلم

يُعتبر الإنترنت المظلم جزءاً مهماً من منظومة الإنترنت. حيث يسمح بإصدار المواقع الإلكترونية ونشر المعلومات بدون الكشف عن هوية الناشر أو موقعه. كل ماتحتاجه لدخول بوابة هذا العالم السفلي هو نظام (Tor) و خدمات (VPN) التي تضمن لك الوصول الآمن لهذا العالم ولكننا لن نضمن لك البقاء آمناً هناك!
شبكة الانترنت المظلم تعمل على نظام التشفير، فمثلا شبكة تور (Tor) قد يُطلق عليها في النظام المشفر اسم "أونيون " (onionland) والتي تعني "أرض البصل" حيث ننتقل من الطبقات الخارجية الى عمق هذه الشبكة بشكل يشبه تركيب البصلة.
غالباً ما تنتشر في هذا العالم النشاطات الغير شرعية، حيث أجرى الباحث غاريث أوين من جامعة بورتسموث دراسة في كانون الأول عام 2014، توصل فيها إلى  النوع الأكثر شيوعا من المحتوى في الانترنت المظلم والذي يتعلق بمواد الاستغلال الإباحي للأطفال، ويليها الأسواق السوداء وتجارة المخدرات، في حين أن المواقع الفردية التي سجلت أعلى زيارة أو دخول  كانت تلك المخصصة لعمليات القرصنة والهجمات الالكترونية وكذلك منتديات النقاش السياسي ومواقع تقديم الخدمات المتعلقة بالغش.
إضافة الى ماذكر أعلاه ممكن أن يكون الانترنت المظلم مفيداً في بعض الأحيان حيث يقدم خدمات مفيدة بعيداً عن النشاطات الغير قانونية، وممكن أن يمثل مساحة حرة للتعبير عن الاراء الشخصية والسياسية للأشخاص المضطهدين او الصحفيين الذي يعانون من كبت لحرية الرأي في بلدانهم كأن يقوموا بفضح ممارسات حكوماتهم الدكتاتورية وانتهاكاتها لحقوق الانسان ويضمنون عدم الكشف عن اماكنهم او هوياتهم.

مواقع وأسواق الانترنت المظلم

تتمثل اسواق الانترنت المظلم بمواقع الكترونية تجارية تعمل عبر الشبكات المظلمة التي تخفي الهوية وتؤدي أساساً وظيفة السوق السوداء من خلال البيع أو التواسط في معاملات وخدمات ممنوعة من مخدرات وأسلحة سيبرانية وأسلحة وعملات مزورة وتفاصيل بطاقات ائتمانية مسروقة ووثائق مزورة وأدوية غير مرخصة ومنتجات أخرى غير مشروعة بالإضافة لبيع منتجات قانونية. ومن اكثر مواقع السوق السوداء شهرة في الانترنت المظلم هو موقع "سيلك رود" (بمعنى طريق الحرير) وسوق "ديابولو" بمعنى (سوق إبليس)، فضلاً عن أسواق أخرى مختصة ببيع البرمجيات والأسلحة. وقد حظي موقع "كريبتوماركيت" (Crypto markets) بأكثر قدر من الشعبية في مجال بيع المخدرات خلال الفترة الممتدة من كانون الثاني 2014 حتى آذار 2015. ومن الجدير بالذكر أن المواقع التي تم ذكرها أعلاه قد تمت السيطرة عليها من السلطات القانونية.
وأخيراً وعلى الرغم من أن الحجم الاقتصادي الإجمالي للنشاط غير المشروع على الانترنت المظلم لا يزال صغيراً نسبياً، فإن العديد من التهديدات الأكثر جدية للمجتمعات اليوم تعمل في ظلال شبكة "تور"، وبالتالي تستحق اهتمام الجهات المعنية بالأمن السيبراني وتنفيذ القانون. ويحذر معهد سانس، المعني بالأمن السيبراني في الولايات المتحدة، من الدخول إلى الإنترنت المظلم ما لم تكن هناك حاجة ملحة لذلك فقد يتعرض حاسوبك الشخصي الخاص للقرصنة أو الهجوم أو ممكن ان يحدث ماهو أسوأ من ذلك، وهو أن يتم انتحال شخصيتك واستخدام حاسوبك الشخصي والتحكم به عن بعد من قبل بعض مواقع الانترنت المظلمة لتحقيق أهداف غير مشروعة، ومن الممكن أن تتحول الى مجرم ملاحق دولياً دون أن يكون لك علم بذلك.