حطامة ووزير التعليم
حدّثنا عوانة ابن الأشعث قال:
كنتُ ماراً في شارع النضال، أبتغي من ساحة التحرير الوصال، في ذكرى أيامِ تشرين، لكي أقرأ الفاتحةَ على الراحلين، فرأيتُ رجلاً ملثماً على بغلة، يتدلى من رجلهِ نعله، وقد وقف بباب وزارة التعليم، فقلتُ هو ممن فاتهم التقديم، فابتغى تظلّماً وعطفا، ليجد له في الجامعاتِ صفّا..
فلمّا مررت بجانبه سمعتُهُ ينشدُ ويقول:
يامن تجبّر في السماءِ عظيما..
وعلا بعرشٍ راحماً ورحيما..
أشكو لك التعليمَ طاح بحظّهِ..
مستجهِلٌ ما عافَ فيهِ عَليما..
يقول: فاقتربتُ من الرجل، وسألته:
مالكَ وصاحبُ التعليم؟
قال: أوجدتَ عالماً شتاما؟ وحاكماً هداما؟ ومستوزَراً لفظاظته؟ ومنصّباً لبذاءتِه؟
قلت: لا، فمن؟
قال: أرأيتَ إن أبلغتُكَ بمن الذي ذكرتُ صفاته، وعدّدتُ لكَ آفاتَه، فكانَ ممن لا يرجوهُ عقلُك، ولا يسعهُ ذهنُك، فما أنت فاعل؟
قلت: حدّثني، وسنرى ما سأكونُ عليه!
قال: الوزير..
فبهتت عيناي، وازرقّت شفتاي، وقلت له: قبّحك الله، كيف؟!؟
قال: أما سمعتَه قد أنشدَ اليومَ يقول:
من لم يكُن في صفِّنا معَ (خامَني)..
أو لم يُشتّم في الورى أعداهُ..
فلأنّه مثلُ ابنُ ساعةِ نزوةٍ..
وليكتشف ما كانَ فيهِ (دَناهُ)..
وقصد بالدَنا الدايوكس رايبو نيوكلك آسيد، والمعروف بالحمض النووي، فلما سمعتُ منه ذاك، لطمتُ على مفارقي وقذالي، وقفزتُ أضرِبُ شارعاً بنَعالي، ولمّا هدأت، قلت:
أوهذا منطق الوزير؟
قال: بلى، أفتمضِ معي لألتقيه؟
قلت: أمضي.
يقول عوانة: فدخلنا الوزارةَ من بابِها، متظاهرَينِ بأننا من طلّابِها، ولمّا ولجنا مكتب الوزير، وكان على كرسيهِ الكبيرِ صغير، شدّد الرجلُ الملثمُ لثامه، واستل طخماخاً كانَ يحملهُ حزامَه، وراح يهبدُ الوزيرَ بهِ حتى جعلهُ يقومُ ويكبو، ثم يزحفَ فيَحبو..
وقبلَ أن نُغادرَ الوزارة قلتُ له: استحلفتُكَ بالله أن تريني وجهَك، فلما أزاح اللثام، وأعاد الطخماخَ للحزام، إذا بهِ والله شيخي #حطامة_ابن_الأغبر، فسألتُهُ وكيف ستسير الوزارةَ بعد ذاك؟
قال:
أتُسمّي دائرةً تعجُ ذيولا..
بوزارةٍ، وتريدُ منها قُبولا؟
واللهِ ما شتمَ الشريفَ بعِرضِهِ..
إلا الذي عاش الحياةَ ذليلا..
ثم لزّ بغلتَهُ ومضى.
القصة من وحي الخيال، وإن أي تشابهٍ بينها وبين الواقع هو محضُ صدفة.
لبديع الزمان
#رسلي_المالكي
___________________________________________
معلومات إضافية
- عودة: العودة الى مقالات رسلي
2 تعليقات
-
Comment Link
الخميس, 24 تشرين1/أكتوير 2024 12:00
posted by أنا
دخلت مصادفة لحسابكم بعد تعليق عن الDNA لفضولي حول ماكنت تعنيه، قادني الى الصفحة فهذا الموقع الى هذا القصة التي أبدعت بها...
أسعدت يومي بابتسامة وأنا اقرأ... شكرا لحروفك. -
Comment Link
السبت, 19 تشرين1/أكتوير 2024 06:11
posted by ابو طيبة
الله عليك يامبدع
قصص ناقدة جميلة جداً
اترك تعليقا
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.