عن نصيحة حطامة ابن الأغبر لصاحبه عوانة ابن الأشعث
عن عوانة ابن الاشعث الكرخي قال:
"كنت و صاحبي حطامة ابن الأغبر ندكها مشيا في بغداد، بعد ان قطعت الجسور و الطرق، ونزلت للاستعراض الالوية و الفرق، فبينما نحن كذلك التفت الي وقال:
ياعوانة، او أنبئك متى تفلس الامم؟
قلت: بلى!
قال:
اذا تكاثرت الجبهات، وازدادت الاناشيد و الصفكات، وتزاحمت الحواجز والصبات، وكثرت الاعلام و الرايات، وضاع الجيش بين المليشيات، وتقاربت ازمان الاستعراضات، وخبئت الوجوه خلف الاقنعة، وتكاثرت الربابنة و الاشرعة، و لم يعرف ايهم التابع وايهم الامير، وتزايد لبس المرقط في الشوارع و المسير، وكثر السلاح، ورقص على الجراح، ولبس السواد، و تهدمت البلاد، وصار الكل حامي العرض، يجره بالطول و بالعرض، و تسيدت البهائم، وتقودت العمائم، و حكم كل فاجر، وصار الامر إلى السارق و الداعر، و طويت الرجال بالاكفان، وابعد عن المرأسة الشجعان، وطال عمر الفاسق الجبان، وبانت السوءة، وانعدمت المرؤة، حتى لتأتين الرجل تسأله في رعيته فلا تجده، اغلق بابه، ونسى قيامه وحسابه، واضاع بحبه للمال دربه وصوابه..
ياعوانة، لتمرن على بغداد وهي تنشج باكية، وفيها من الدمع ساخنة حامية، نار حرى، وعين تجري وتجرى، كثر سلاحها بلا امان، وتسيد عليها العتاكة و الغمان، فإن رأيتها كذلك، فالعن عبد الكريم قاسم ابو اذان، ثم العن عبد الكريم قاسم ابو اذان، وترحم على فيصل ملك الملوك الشبان، فإنما ثورته قد قامت بالسلاح و الدروع، وصارت لمن قتل الزرع وجفف الضروع، ثم صير منها إلى ماهو اليوم، حكم القطيع و الرعيان، والرؤوس العفنة و التيجان، ايامها ترح، ودروبها قيح وقرح، يقتل فيها المرء ولا يطالب بدمه، ويسير بها القاتل ولا يخشى على دمه.
يقول عوانة، فابصرني ناشجا باكيا على ماقال، فربت على كتفي وقال:
كفكف الدمع، وابتغي الفيزا، والعن ابو ساعة السودة الصرت بيهه عراقي".
قال حطامة ابن الأغبر للمعز لدين الله المالكي قبل رحيله بليلة :
وعدتنا بالنارِ و السعيرِ..
يا لزكة الصمغِ مع الاميري..
تريدها ولايةً ثالثة..
و الناسُ بين القتلِ و التهجيرِ..
من كتاب: علة الابدان في ضيعة البلدان
لبديع الزمان
#رسلي_المالكي
___________________________________________
معلومات إضافية
- عودة: العودة الى مقالات رسلي
اترك تعليقا
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.