مقدمة كتاب زمرة الاحداث في تحفة الميراث
المقدمة:
الحمدُ لله صاحبُ الملكوت، كبيرُ العظمةِ والجبروت، مُقسِّم الرزقِ والقوت، والعالم ببواطن الاسرار والبيوت، خالق الاحاد والسبوت، وواضع الحياةِ والموت، والحمد لله عز حمده، وكبر عرشه، وعلو منزلته، خلقنا فاحسن خلقنا، وعلمنا فأزال جهلنا، بيده منا كلُ امرِنا، الحمدُ لله فالقُ الحبِ والنوى، جبارُ القدراتِ والقوى، خالقُ المأكلِ والمُرتوى، صانعُ الوعيِ والعقل، وخالقُ النورِ والظل، ربُ الامرِ كلهِ في كُل، وسبحانهُ إذ خلقَ الانسانَ ولم يكُ من قبلُ شيّا، وسبحانهُ إذ كانَ ولم يكن أحدٌ من قبلهِ شيّا..
عن أخبارِ حقبةٍ عظيمة، وأحداثِ الظلمةِ والظليمة، من فتراتِ حُكم الفاسدين، ومواقف وأحداث السياسة والسياسيين، في بلدٍ يقال له أرض السواد، التي ظلم فيها الحرث والنسل العباد، وعاث بهم القتل والفساد، في أخبار ميراثٍ عشناه لنرويه لمن بعد، وليقرأ عنه كلُ إنسانٍ وفرد، مما مرَّ بنا في فترة حكم بني المنطقة الخضراء، أصحابُ الجهلِ والظلمِ والرّياء، أذ عاش في عهدهم انسانٌ صالح، ذو رأيٍ جامح، ولسانٍ فاضح، يقال لهُ حطامةَ ابنِ الأغبر الرصافي البغدادي، وسّع اللهُ قبره، وأحيا ذكره، وما هو إلا راوٍ عن رواياتِ ذلك الزمان، ليس لهُ على الأرضِ وجودٌ ولا كيان، بل أنه خيالُ قصصِ سالفِ الأحيان، مما أرّخت من أحداثِ أيام الظلمِ والهوان، أزاحها اللهُ بقدرته إن شاء، ورفعَ ديمومَتها عن الناس بالانقِضاء، فجمعتُ أخبارَ ابن الأغبر في هذا الكتاب، ليُقرأ بمَحيانا وبُعيد الفناء والغياب، قصص الأولين لمن بعد، وميراثُ السابقين لم تلا، تأريخاً لتلك الحقبة التي طالت، وليقرأ عنها خلَفنا بعدما تكون قَد زالت، فجمعتُ أحداث هذه الحقبة في تحفة الميراث، التي حَوت على زمرةِ الأحداث، أحداثُ من مرّوا فحكموا فطغوا واستباحوا، وسرقوا وامتهنوا واستغنوا فاستراحوا، فصار هذا الكتاب مؤرخاً لأيامٍ منقضيات، وأخرٍ مستمرات، من قصص الناس مع حكام الخضراء، ومنهم حطامة ابن الأغبر الذي هو في عصره بليغ البلغاء، وعظيم المعاناة والشقاء.
أما عنه، فهو حطامة ابن الأغبر ابن مالك الرصافيّ البغداديّ العراقيّ العربي، عاش في حُكم صاحبِ البعث، وفي حكم من تلا صاحبَ البعث، فمرّت به الأهوال الجسام، والأحداث العظام، حتى كأن زمانه بين الأزمان هو قمة السنام، بين النظامِ وتغيير النظام، فرأى وعاصر وحدّث وعاش، فدونتُ هنا قصصه وأخباره، وكتبت عن مآثره وآثاره، بإسقاط قصص الأولين على أحداثِ أيامنا، إسقاطَ من غيّر الشخوص وأبقى الأحداث، ودوّن الميراث بالميراث، ولحطامة صاحبٌ يدعى عوانةَ ابنِ الأشعث الكرخي البغدادي، وهو من كرخ بغداد، وقد عاصر صاحبهُ ابن الأغبر في زمن التغيراتِ والأضداد، اما زوجُ حطامة، فهي المكرودةُ بنت المظلوم ابن الشقي المُعان، المعروفةُ بجورِ الزمان، عاصرَت ما عاصر من الأيام، ورأت من الأحداث العِظام، فعايشَتهُ حتى رأت منه ومن سياسيي الخضراء مرآها، وتحملت من الاثنين ما حمّلاها، ولابن الأغبر بغلةٌ يقال لها ضيومة، أسماها باسمها بعد ما عاشه من الضيم والقهر تحت حكم بني الخضراء، من أهلِ النفاق والرياء.
فكانت زمرة الأحداث في تحفة الميراث – طرائفُ حطامةَ ابن الأغبر الرصافي البغدادي مع حكام بني الخضراء -، لتمتلىء صفحاتها بالأخبار، وعظيم الأحداث والأسفار، ميراثاً لأممٍ وأجيال، وزاداً على تحمل الأيام الطوال، وتأريخاً لمن لم يعايش هذه الحقبة، ولم ير مافيها من قعقعةٍ وجلَبة، لتروي قصص الأولين، لخير القراء من الآخرين، ولم يكن لي نية نشرها في ورقٍ وكتاب، بعد أن كانت تُنشرُ فقط على وجه الكتاب*، حتى التقيت فيمن التقيت بعمر بن شهاب العزي الرصافي البغدادي، فأشار عليّ بنشرها في كتاب، إشارة أقربِ الأصحاب، وأصدقِ الأحباب، فمضيت مع رأيه بعد أن رأيته على صواب، وصارت زمرة الأحداث في تحفة الميراث من ورقٍ وحبر، ليكشف بها كلُ خبرٍ وسر، وكان ذلك سنة ثمانية عشر بعد الالفين للميلاد، الموافق للسنة الثالثة لهجرة العراقيين، لبلاد الفرنجة الصليبيين.
أضع بين أيديكم كتاب الزمرة، ليفيض عليكم ببلاغته وعطره، والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بديع الزمان
رسلي المالكي الرصافي البغدادي
وجه الكتاب:
موقعٌ يراه الناس في مشوافٍ عظيم الصورة والصوت يدعى بالحاسوب، حواشيه زرقاء، وأواسطه بيضاء، يلتقي فيه الناس جميعاً من الأثرياء والبسطاء، فكان حديث عصره في حينه، أسسه رجلٌ من بلادٍ يقال لها أمير عكا سيأتي وصفها في هذا الكتاب، واسم ذلك الرجل هو المارك بن الزكربغ، زوجته من بلاد الصين، وهما عظيمي الشهرة في زمنيهما.
لبديع الزمان
#رسلي_المالكي
___________________________________________
معلومات إضافية
- عودة: العودة الى مقالات رسلي
اترك تعليقا
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.